شهدت مدينة كركوك امسية أدبية وثقافية مهيبة، في الذكرى السابعة عشرة لاستشهاد الصحفي والشاعر سوران مامه حمه، المعروف بلقبه “شهيد القلم”، في أجواء ملؤها الوفاء والاعتزاز، وبمشاركة واسعة من شخصيات سياسية وأدبية وإعلامية، فضلاً عن أفراد من عائلته ومحبيه.
جرت الفعالية في قاعة معهد العلم وسط كركوك، بمبادرة من نخبة من الصحفيين والمثقفين، وبحضور محافظ كركوك السيد ريبوار طه ، والنائبة في مجلس النواب العراقي السيدة ديلان غفور، وعدد من أعضاء مجلس محافظة كركوك، بالإضافة إلى عدد كبير من الأدباء والصحفيين، والنشطاء في المجتمع المدني.
بداية اللقاء.. وقفة وفاء
استُهل الحفل بوقفة صمت وقراءة سورة الفاتحة ترحماً على روح الشهيد سوران، رمز الصحافة الحرة والكلمة الجريئة، تلتها كلمة افتتاحية من اللجنة المنظمة، رحبت بالحضور وسلطت الضوء على دوافع تنظيم هذا اللقاء وفاءً لتاريخ الشهيد ودوره النضالي في خدمة الحقيقة.
كلمة محافظ كركوك : سوران رمزٌ للنزاهة والشجاعة
في كلمة مؤثرة، تحدث محافظ كركوك السید ريبوار طه عن مآثر الشهيد، مؤكدًا أن “سوران مامه حمه لم يكن مجرد صحفي، بل كان صوتاً للناس، ومرآةً تعكس معاناة المواطنين دون خوف أو مجاملة”، وأضاف أن إدارة كركوك حريصة على أن تكرّم جميع شهداء الكلمة دون تمييز، وأن المدينة ستبقى وفية لذكراهم.
وأشار إلى مبادرة يتم العمل عليها لإطلاق اسم الشهيد سوران مامه حمه على مدرسة دولية في كركوك ، لتكون شاهداً على مسيرته ومصدر إلهام للأجيال القادمة.
كما شدد في كلمته على أهمية العمل الصحفي النزيه، داعياً الصحفيين إلى التحلي بالضمير المهني والمسؤولية، في زمن تشتد فيه الحاجة إلى الكلمة الصادقة.
كلمة العائلة: نطالب بتحقيق العدالة
من جانبه، ألقى هيوا مامه حەمه، شقيق الشهيد، كلمة مؤثرة باسم العائلة، عبّر فيها عن الامتنان لكل من يواصل إحياء ذكرى الشهيد، مؤكداً أن مرور 17 عاماً على اغتياله لم يطفئ شعلة ذكراه في قلوب أحبائه ، وطالب بإعادة فتح ملف اغتياله وإحالته إلى القضاء لتحقيق العدالة، مؤكداً أن العدالة لسوران هي عدالة لكل الصحفيين الأحرار .
الشعر والفن.. لغة الخلود
أضفى الجانب الفني على الأمسية روحاً وجدانية، حيث تم إلقاء قصيدتين كتبهما الشاعران الكبيران شيركو بيكهس ولطيف هلمت في رثاء الشهيد سوران. وقام الفنان المسرحي حەمهی شانۆ بأداء القصائد بصوته العميق وأسلوبه المؤثر .
ندوة فكرية: قراءة في إرث سوران الأدبي والإعلامي
اختتم اللقاء بندوة ثقافية شارك فيها الصحفيان شورش فاتح وهڤال دارا، ناقشا خلالها الإرث الأدبي والصحفي الذي تركه الشهيد. وأكدا أن كتابات سوران كانت تتميز بالجرأة والعمق، والتزامها بالمهنية، وهو ما جعله هدفاً لقوى الظلام التي أرادت إسكات صوته، لكنه أصبح رمزًا خالداً للكلمة الحرة.
سوران مامه حمه.. سيرة قلم لا يموت
الشهيد سوران مامه حمه لم يكن مجرد صحفي، بل كان مشروعاً فكرياً وثقافياً وإنسانياً متكاملاً. عرف بكتاباته الجريئة ضد الفساد، وفضحه للانتهاكات، ووقوفه مع قضايا مجتمعه دون انحياز. استُشهد وهو في عز شبابه، لكن قلمه بقي حيًا في ضمائر محبيه، وأصبح رمزًا للصحفيين الباحثين عن الحقيقة.