بشير علي ـ للخبر بقية
في بلد يواجه تحديات اقتصادية مزمنة، يتصدر موضوع العُطل الرسمية في العراق المشهد العام، وسط تزايد الأصوات التي تحذر من تأثيرها السلبي على الإنتاجية والنمو الاقتصادي. العراق يُعد من أكثر دول العالم من حيث عدد أيام العُطل الرسمية، والتي تتراوح ما بين 130 إلى 150 يومًا سنويًا عند احتساب عُطل نهاية الأسبوع، والعطل الدينية والوطنية، فضلًا عن الطوارئ والمناسبات الطارئة.
واقع العُطل في العراق
يُخصص العراق العديد من العُطل للمناسبات الدينية، سواء كانت شيعية أو سنية، إلى جانب الأعياد القومية مثل عيد الجيش، وعيد النوروز، ويوم الاستقلال، ويوم سقوط النظام السابق، وغيرها. ومع أن هذه المناسبات تمثل أهمية ثقافية وتاريخية للمواطنين، إلا أن تكلفتها الاقتصادية باتت تثير القلق.
تشير دراسات غير رسمية إلى أن كل يوم عطلة يكلف الاقتصاد العراقي ملايين الدولارات، بسبب توقف مؤسسات الدولة والقطاع الخاص عن العمل، وتأخر المعاملات التجارية، وتعطل المشاريع الاستثمارية، في بلد يعتمد بشكل رئيسي على قطاع الدولة، ويعاني من بيروقراطية معقدة وضعف في الإنتاجية.
القطاعات الأكثر تضررًا
القطاع الخاص العراقي، الذي يعاني أصلًا من قلة الدعم الحكومي وبيئة العمل الصعبة، يتأثر بشدة بتكرار العُطل. ويؤكد أصحاب الأعمال أن الإغلاق المتكرر يُربك الجداول الزمنية للمشاريع، ويضعف ثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
أما قطاع التعليم، فيواجه بدوره تحديًا في تعويض الدروس خلال السنة الدراسية، مع غياب خطة واضحة لتنظيم العمل الأكاديمي خلال العُطل الطويلة أو الطارئة.
جدل سياسي وشعبي
العطل في العراق لم تعد مسألة تنظيم إداري فقط، بل أصبحت موضوعًا سياسيًا أيضًا، إذ تُستخدم أحيانًا لإرضاء شرائح اجتماعية أو طائفية معينة. وفي بعض الأحيان، تُعلن الحكومة عطلاً مفاجئة نتيجة التوترات الأمنية أو المناسبات الدينية، مما يُربك القطاعات الخدمية ويؤثر على سير الحياة اليومية.
من جانب آخر، يرى البعض أن العُطل تمثل متنفسًا ضروريًا لشعب يعيش ضغوطًا أمنية واقتصادية يومية، خاصة في ظل غياب الترفيه والسياحة الداخلية المنظمة. إلا أن الفجوة بين الحاجة للراحة ومتطلبات التنمية الاقتصادية تظل قائمة.
في ظل الأزمات المتلاحقة التي يعيشها العراق، لا بد من مراجعة شاملة لسياسة العُطل الرسمية، بما يحقق العدالة الاجتماعية من جهة، ويُعزز الاقتصاد الوطني من جهة أخرى. فالراحة ضرورية، لكن حين تتحول إلى شلل اقتصادي، فإن الخسارة تطال الجميع.