بقلم حيدر خليل
في الثالث من آب، نستذكر واحدة من أبشع الجرائم التي ارتُكبت بحق الإنسانية، حين تعرض أبناء الديانة الإيزيدية في سنجار إلى إبادة جماعية على يد تنظيم داعش الإرهابي، جريمة تهزّ الضمير البشري وتستدعي وقفة حقيقية أمام كل من كان شريكًا بالصمت أو التواطؤ.
إن هذه الجريمة ليست إلا امتدادًا لما فعله النظام البعثي البائد بحق الشعب الكوردي، من قصف بالأسلحة الكيميائية في حلبجة إلى حملات الإبادة المعروفة بالأنفال. وهي ذات الجريمة التي نشهد فصولها اليوم في سوريا، حين تُرتكب مجازر بحق أبناء الطائفتين العلوية والدرزية على يد جماعات متطرفة تتبنى الفكر نفسه: فكر الإلغاء والتكفير ورفض الآخر، وهو فكر تقف ضده كل القيم الإنسانية ومبادئ الأديان السماوية.
لكنّ الكارثة الحقيقية اليوم، أنّ ذات القوى الدولية التي كانت يومًا ما تفتح أبوابها أمام صدام حسين، رغم علمها بجرائمه، هي نفسها التي تفسح المجال اليوم لقادة الجماعات المتطرفة، ومنهم الجولاني، المتهم في مجازر الإيزيديين، والذي بات يُقدَّم في بعض المحافل الغربية باعتباره “طرفًا يمكن الحوار معه”. إن هذا التواطؤ الدولي، يفضح مجددًا ازدواجية المعايير في التعاطي مع الإرهاب، ويضع علامات استفهام كبرى أمام مصداقية شعارات “حقوق الإنسان” و”محاربة التطرف”.
إن الواجب الأخلاقي والسياسي، يفرض على الجميع — شعوبًا وحكومات — أن يتعاملوا مع جرائم الإبادة بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح العابرة، وأن ينحازوا بوضوح إلى الضحايا، لا إلى الجلادين.

