الكاتب..حامد رحيم جناني
الإدارة “علم وفن”، هكذا يقول أهل الاختصاص، في إشارة إلى المرونة المفترض تواجدها لدى أصحاب القرار وبالمستويات كافة، ولعل المنظور الإستراتيجي هو السر الكامن خلف تحقيق تلك المرونة. التهديد عندما يواجه إستراتيجيا من الممكن أن يتحول إلى فرصة تحقق نقلة نوعية في تحقيق المكاسب عبر تحليل البيئة الداخلية والخارجية، للبحث عن العوامل التي تمكن من تحقيق تلك الانتقالة.
ونحن على أعتاب إسدال الستار على اتفاقية جيهان مع الطرف التركي، المقرة في سبعينيات القرن المنصرم، وما جرى عليها من تحديثات، وما تمثله من تحد واضح للسياسة النفطية في العراق، لكون هذا الحدث سيضعف من مرونة التصدير للنفط العراقي المعتمد بشكل كبير على مضيق هرمز المضطرب أمنيا وسياسيا، ومن غير المعقول البقاء مرهونين بهذا الممر المائي، لأن نسبة
(90 %) من نفطنا تمر عبره، مما يشكل خطرا كبيرا على الاقتصاد العراقي بسبب الاضطرابات المستدامة في هذا الممر.
وبالرغم من عدم استغلال الطاقة التصميمية لأنبوب جيهان التركي البالغة (1,6) مليون برميل يوميا، وتوقفه في الآونة الأخيرة، كما أن المصدر منه فعلا كان يتراوح بين (350 – 450) ألف برميل يوميا قبل التوقف، إلا أنه يعد أحد المنافذ التصديرية للنفط التي يفترض دعمها وتطويرها للتخفيف ولو بشكل نسبي من الاعتماد على مضيق هرمز، وهذا ما أعلنته وزارة النفط مؤخرا ضمن الاتفاق لإعادة ضخ النفط، الذي كان من المفترض أن يبدأ بضخ (185) ألف برميل يوميا وصولا إلى (400) ألف يوميا.
لم يبق من عمر الاتفاقية سوى سنة واحدة فقط، والإدارة في العراق مطالبة بحلول إستراتيجية لتعزيز منافذ تصدير النفط، والسؤال هو كيف يمكن لنا تحويل كل هذه التحديات إلى فرص تدعم السياسة النفطية العراقية؟.
إن المراقب للحدث يلمس بوضوح اندفاع الجانب التركي صوب مشروع طريق التنمية، وهنا العوامل التي يفترض استغلالها لتعويض اتفاقية جيهان بمكاسب أكبر للجانب العراقي، وإيجاد بوابة أكبر من تلك الاتفاقية، لإيجاد منافذ تصدير للنفط العراقي نحو الأسواق الأوروبية عبر موانئ البحر الأبيض المتوسط، وينبغي التركيز على الأنابيب كونها الأرخص نسبيا من الطرق الأخرى، ومن ثم وجوب مقايضة الجانب التركي بالامتيازات المفترض تحققها لهم عبر طريق التنمية بإنشاء منظومة أنابيب تصدير للنفط العراقي عبر أراضيهم، ذات طاقات تصدير أكبر من أنبوب جيهان، وهذا يجب أن يكون بالتوازي مع منافذ أخرى مثل العقبة، لصناعة مرونة أكبر في ظل الوعود بارتفاع إنتاج العراق مستقبلا.
المصدر .. صحيفة الصباح

