أجرى اللقاء: باهوز آسو
ترجمة و تحرير : نرمين عثمان محمد
في أواخر العام الماضي، سقط نظام بشار الأسد، وتسلم أحمد شرع السلطة كحكومة انتقالية. ومنذ ذلك الحين، لم تستقر سوريا بعد، ولم تتضح معالم مستقبل شعبها، ويبقى السؤال الأهم: هل ستكون “سوريا الجديدة” حليفة للجارة إسرائيل؟ أم أن الطرفين سيظلان في حالة ترقب وتوجس متبادل؟
قامت حكومة شَرَع الانتقالية ببعض التحركات السياسية والدبلوماسية التي ما زالت تُقابل بتحفظ، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرر رفع العقوبات عن سوريا وأعلن دعمه للحكومة الجديدة، كما امتدح وزير الخارجية البريطاني جهود السوريين في إعادة إعمار بلادهم، مقدّمًا حزمة مساعدات بقيمة 94.5 مليون جنيه إسترليني ،بدورها رحبت ممثلة الاتحاد الأوروبي بالخطة الانتقالية السورية وأكدت على أهمية احترام حقوق الأقليات وحقوق الإنسان.
ماهو الأهم
لكن الأهم من كل ما ذكر ، هو العلاقة بين دمشق وتل أبيب، وهي علاقة مشحونة بتاريخ من الحروب والصراعات وهناك معلومات وتصريحات رسمية تشير إلى أن حكومة شَرَع وإسرائيل تتجهان نحو علاقات أكثر استقرارًا.
بحسب وكالة “فرانس برس”، جرت في العاصمة الأذربيجانية باكو، قبيل أحداث محافظة السويداء، لقاءات بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين. وبعد ذلك، قامت القوات الإسرائيلية بشن ضربات عنيفة على دمشق ومواقع عسكرية سورية، أسفرت عن مقتل عدد من القادة العسكريين. رغم التصعيد، وقّعت سوريا تحت إشراف أميركي اتفاق وقف إطلاق نار.
وفي 14 مايو، خلال قمة عقدت في الرياض برعاية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبمشاركة أردوغان عبر الفيديو، دعا ترامب الرئيس السوري شَرَع إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وبعد القمة، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت : أن ترامب شجّع سوريا على الانضمام إلى “اتفاقات أبراهام” التي وقعتها عام 2020 كل من الإمارات، البحرين، المغرب، والسودان مع إسرائيل.
ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟
في الإجابة على السؤال السابق قال الدكتور “فيتولد ريبوتوفيتش” وهو أستاذ بولندي وخبير في الشأن السوري لـصحيفة “كوردستاني نوي”: إن حكومة نتنياهو تعتمد استراتيجية تقسيم وإضعاف سوريا الموحّدة، انطلاقًا من نظرية قديمة تعتبر أن كل العرب أعداء لا يُوثق بهم، ولذلك يفضلون سوريا الضعيفة على سوريا الصديقة.
وأشار إلى أن بعض الخبراء في إسرائيل يعارضون هذه الاستراتيجية، ويرون أن تقاربًا مع أحمد شَرَع قد يخدم إسرائيل أكثر، خاصة وأن تل أبيب كانت على تواصل طويل مع جماعات المعارضة المسلحة مثل “جبهة تحرير الشام”.
لكنه أضاف أن هذا التقارب يحتاج إلى تغيير عميق في التفكير الإسرائيلي تجاه سوريا والمنطقة، وهو أمر لا يبدو ممكنًا مع الحكومة الإسرائيلية الحالية ،كما أكد أن إسرائيل لا تقدم دعمًا حقيقيًا للأكراد أو الأقليات السورية، باستثناء الدروز لأسباب داخلية إسرائيلية. ويرى أن تل أبيب تعتبر نشوب حرب أهلية جديدة في سوريا هو أفضل سيناريو لأمنها.
هل ستنضم سوريا إلى اتفاقات أبراهام؟
يشكّك الخبيرريبوتوفيش في إمكانية انضمام سوريا سريعًا إلى تلك الاتفاقات، لكنه لا يستبعد أن تستجيب حكومة شَرَع لبعض مطالب إسرائيل. ومن المهم بالنسبة لإسرائيل، بحسب رأيه، أن تُضعف النفوذ التركي في سوريا، خصوصًا على الصعيد العسكري.
السلام الحقيقي بين سوريا وإسرائيل: ممكن أم مستحيل؟
الأستاذ الدكتور فؤاد جمعة، من جامعة “شتشين” البولندية، يقول: إن الحديث عن سلام حقيقي بين سوريا وإسرائيل يبقى معقدًا، فالمصالح السياسية والأمنية والداخلية والإقليمية متداخلة مع الإرث الديني والتاريخي والاجتماعي.
ويرى جمعة أن رحيل الأسد قد يوفر فرصة لسوريا لإعادة تموضعها دوليًا، والسعي لفك العزلة عنها. ومن جهة أخرى، تسعى إسرائيل إلى تحجيم نفوذ إيران و”حزب الله” في سوريا، ويمكن أن تجد في الحكومة السورية الجديدة شريكًا أمنيًا.
ويضيف: حكومة شَرَع بوصفها انتقالية لا تملك الشرعية الكافية لتوقيع اتفاق سلام دائم وملزم. وأي اتفاق محتمل سيكون مؤقتًا أو محدودًا في المجال الأمني لا السياسي الشامل.
عقبات أمام السلام الكامل

