اعداد _ محمد البغدادي
مازالت حقول النفط وحرق الغاز جنوبي العراق تهدد أرواح وتنهك أجساد المواطنين القاطنين بالقرب منها بل ولمسافات محاددة من مشارفها ، فيما يرقد في مستشفيات المعالجة من أمراض السرطان والجهاز التنفسي ما أعلنت عنه وزارات الصحة العراقية المتعاقبة منذ العام 2015 بشكل أدق ولغاية الآن.
تفينا التقارير العراقية والعالمية بحجم ما يتعرض له المواطنون من أوبئة وخاصة في محافظة البصرة الأكثر تعقيدا لأزمة السرطانية برغم إطلالتها على الخليج وبمقدار ما تجنيه من أرباح لقاء تجارتها واقتصادياتها لكن دون جدوى وهو ما يجعلنا أن نسلط الضوء على ما مسكوت عنه وعدم نشره خلال الفترة الحالية على الرغم من وجود مسرطنات قرب الحقول ومصابين كثر.

المواطنون بخطر
تتراوح مخاطر الحقول النفطية في العراق على المواطنين بين مخاطر صحية تتمثل في زيادة معدلات السرطان وأمراض الجهاز التنفسي، وتلوث التربة والمياه الجوفية بسبب العمليات النفطية. وتوجد مخاطر بيئية مثل تلوث الهواء وتسببه في الاحتباس الحراري، ومخاطر اقتصادية واجتماعية ناجمة عن تدمير الأراضي الزراعية وتدهور الظروف المعيشية.

تشير التقارير إلى وجود علاقة بين التعرض لمواد ملوثة من حرق الغاز وزيادة معدلات الإصابة بسرطان الدم وأمراض أخرى.من بينها
أمراض الجهاز التنفسي:
تسبب الغازات والملوثات المنبعثة من الحقول النفطية أمراضاً في الجهاز التنفسي.
تلوث الهواء:
يؤدي استمرار حرق الغاز إلى إطلاق ملوثات سامة في الهواء مثل البنزين والمواد المتطايرة الأخرى التي تضر بصحة السكان
المخاطر البيئية
تلوث التربة والمياه:تُحقن مخلفات العمليات النفطية والمياه الملوثة بالنفط في الأرض، مما يؤدي إلى تلويث التربة والمياه الجوفية.
تلوث الهواء وتغير المناخ:
يساهم حرق الغاز في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان، وهما من الغازات الدفيئة التي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري وتدهور جودة الهواء.
الأمطار الحمضية:
يمكن أن تتحد الملوثات المنبعثة مع بخار الماء لتكوين أمطار حمضية تلحق الضرر بالبيئة والنباتات والحياة المائية.
المخاطر الاقتصادية والاجتماعية
تدهور الزراعة:
يؤثر تلوث التربة والمياه على الأراضي الزراعية، مما يهدد الزراعة في المناطق النفطية.
تدهور الظروف المعيشية:
يؤدي التلوث إلى تدهور الأراضي السكنية والزراعية، ويجبر السكان على البحث عن سبل عيش بديلة
نسبة عالية من الإصابة بالسرطان جنوب العراق
ولا تزال البلدات والقرى القريبة من حقول النفط الشاسعة في العراق – تضم الرجال والنساء والأطفال يعيشون تحت سماء مليئة بالدخان- تشهد تفاقم مشاكل صحية يمكن تجنبها، لكن المسؤولين التنفيذيين في شركات النفط يصرون على تقديم الربح على الأرواح.
25.666 ألف حالة إصابة بمرض السرطان في العراق أحصتها منظمة الصحة العالمية خلال عام واحد فقط، فيما أوردت جريدة الوفد المصرية تقريرا لها في يوليو/تموز عام 2017 قالت فيه إن مستشفى الإشعاع والطب الذري في بغداد تستقبل (12000) حالة سنويا تقريبا، وهو رقم لم يبلغه أي بلد في العالم سوى اليابان بعد إلقاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناجازاكي في أغسطس/آب عام 1945، بحسب وصف الصحيفة.
وفي محافظة البصرة جنوبي العراق فاقت نسبة التلوث الإشعاعي هناك الـ130 في المائة، في حين يجب أن لا تتجاوز النسبة الـ 0.3 بالمائة بحسب تصريح لعضو مجلس المحافظة “مجيب الحساني” نهاية عام 2017،
ما تخلفه السيارات في العراق من ثاني أوكسيد الكاربون سنويا يبلغ ما نسبته 318.28.2 kg وهو ما يعني أن كل شخص راكب في السيارة يحتاج27 قرابة . شجرة لإنتاج ما يكفي له من الأوكسجين
ويحظر القانون العراقي، لأسباب صحية، حرق الغاز على بعد ستة أميال من منازل السكان، لكن بلدات يحرق الغاز فيها على بعد أقل من ميلين من البيوت.

تدرك الحكومة العراقية الآثار التي يمكن أن تترتب على حرق الغاز؛ إذ اطلع فريق بي بي سي عربي على تقرير مسرب لوزارة الصحة العراقية، يحمّل تلوث الهواء مسؤولية ارتفاع الإصابة بأمراض السرطان بنسبة تصل إلى 20 في المئة في البصرة وذلك بين عامي 2015 و 2018.
وكجزء من هذا التحقيق، أجرت بي بي سي أول اختبار لرصد التلوث في المجتمعات المعرضة للخطر، وأشارت النتائج إلى مستويات عالية من التعرض للمواد الكيميائية المسببة للسرطان.
المعالجات
مؤخرا أعلنت وزارة التخطيط، عن توقيع وثيقة تعاون علمي مع وزارة البيئة لدعم الطاقة وتقليل الانبعاثات. وذكر بيان للوزارة تابعه المسرى، أن “وزارة التخطيط وقعت وثيقة تعاون علمي مع وزارة البيئة، تهدف إلى تعزيز أطر التعاون المؤسسي والعلمي في مجالات إدارة الطاقة وتقليل الانبعاثات”،مبينة أن “وثيقة وزارة التخطيط وقّعت من قبل وكيل الوزارة للشؤون الفنية، ماهر حماد جوهان، وعن وزارة البيئة وقع الوكيل الفني ورئيس المبادرة الوطنية، جاسم الفلاحي”.

من جانبه أكد وكيل وزارة التخطيط أن “هذا التعاون يسعى إلى تطوير القدرات الوطنية في إدارة الطاقة، وتطبيق المواصفات القياسية الدولية، ودعم أدوات المبادرة الوطنية ضمن أطر اعتماد معترف بها دولياً، فضلاً عن تبادل الخبرات الفنية، وإجراء الدراسات والبحوث المشتركة، وتطوير السياسات الوطنية المتعلقة بالطاقة والاستدامة البيئية”.
بدورها نظمت وزارة البيئة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ورشة عمل لإطلاق البرنامج الشامل لتحديث الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية للتنوع البيولوجي وإعداد التقرير الوطني السابع للعراق، ضمن التزامات اتفاقية التنوع البيولوجي.

وقالت الدكتورة نجلة الوائلي، مدير عام الدائرة الفنية في وزارة البيئة، إن العراق مقبل على إعداد التقرير الوطني السابع للتنوع البيولوجي ووضع استراتيجية وطنية جديدة للفترة (2026–2030) تتضمن خططاً ومشاريع تهدف إلى الحد من فقدان التنوع البيولوجي وتعزيز التكيف مع التغير المناخي.
كما قال الدكتور علي اللامي، مستشار رئيس الوزراء لشؤون البيئة، أن الاستراتيجية المحدثة ستسهم في مواجهة تحديات بيئية كالتصحر وشح المياه والعواصف الترابية، موضحاً أن الوثيقة ستركز على تحديد التحديات، الجهات المنفذة، ومصادر التمويل.
في الاثناء أكدت وزارة البيئة، رفض العراق فرض قيود على صناعة البتروكيمياويات في مفاوضات البيئة الدولية، مشددة على حرصها في تعزيز الاستثمارات في هذا القطاع، فيما أشارت إلى أن هدف العراق هو تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.
وقال المتحدث باسم الوزارة، لؤي المختار، للوكالة الرسمية إن “التلوث البلاستيكي الهائل بدأ يأخذ منحى مغايراً وخطيراً على البيئة، وعلى طبيعة الأرض، والتنوع الأحيائي والأسماك، وصحة الإنسان، لما يحمله البلاستيك من مخاطر ومواد كيميائية مختلفة، وعلى هذا الأساس، اتفق العالم، من خلال جمعية الأمم المتحدة للبيئة، التي تضم جميع وزراء البيئة في العالم، وهي أعلى محفل بيئي دولي، على إعداد اتفاقية ملزمة قانوناً للحد أو القضاء على التلوث البلاستيكي”.
وتابع: “لقد بدأت هذه الأعمال منذ ثلاث سنوات، بتشكيل لجنة تفاوض حكومية تضم جميع بلدان العالم، ويهدف عملها للتوصل إلى نص قانوني ينظم هذا الاتفاق، فبعض البلدان ترغب في فرض قيود على إنتاج البلاستيك، وعلى المواد الناتجة عن الصناعات البتروكيمياوية”.
وزير البيئة يؤكد للمسرى خاص
في حين أوضح وزير البيئة الاتحادي الدكتور د. هەڵۆ العسكري أن العراق من أكثر الدول تأثرا بالتغير المناخي، مشددا على ضرورة التعاون والتنسيق بين الوزارات بشكل أفضل لمواجهة التحديات البيئية في العراق.

وقال الدكتور العسكري خلال استضافته في برنامج شؤون عراقية مع فائق يزيدي، إن التحديات التي تواجه البيئة تأتي من حقائق وبيانات، والعراق مسبقا كان معروفا بأنه بلد زراعي اراضيه خصبة وبه وفرة مياه، لافتا إلى ان العراق وكباقي دول العالم ونتيجة الثورات الصناعية تحول واكثرية دول العالم الى بلدان صناعية أكثر من أن تكون زراعية، مشددا على أن العراق يعاني حاليا من مشكلات بيئية وقد تفاقمت وتزايدت بعد التغيرات المناخية التي حدثت في العالم، مشيرا إلى أن العراق من أكثر البلدان تأثرا بالتغير المناخي.
د. هەڵۆ: مستمرون في الحوار مع دول الجوار لحل مشكلة المياه
وأضاف الدكتور العسكري أن الهجرة من الريف الى المدن تكون لها عواقب اقتصادية واجتماعية وسياسية وهو بمثابة تغيير ديموغرافي يتسبب بإفراغ الريف وتحوله الى صحراء وهو ما يمثل تحديا للحكومة، لافتا إلى أن الصعوبات والتحديات التي تواجه البيئة في العراق أصبحت واقع حال، مشددا على أن عدم الالتزام بالقوانين والتعليمات الخاصة بالبيئة في تنفيذ المشاريع يزيد من الطين بلة.
د. هەڵۆ: التعاون بين الوزارات للحفاظ على البيئة دون المستوى
وأشار الدكتور العسكري إلى أن الحكومة الاتحادية الحالية أكثر الماما واهتماما بالقضايا البيئية من الحكومات السابقة، لافتا إلى أنه يلتمس ذلك من خلال اجتماعات مجلس الوزراء واهتمام رئيس الحكومة، متسائلا لكن هل هذا الاهتمام بالمستوى المطلوب؟، موضحا انه اضافة إلى الحكومة فإن البرلمان والمواطن لهم دور أيضا في الحفاظ على البيئة والالمام بالثقافة البيئية، لافتا إلى أن الثقافة البيئية والوعي حاليا أكثر من السابق لكنه ليس بالمستوى المطلوب، مشيرا إلى أن هناك مديرية عامة للتوعية في الوزارة تعمل بالرغم من قلة الامكانات في مجال التوعية والثقافة البيئية ونشرها بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني واقامة الدورات والندوات بشكل مستمر لهذا الغرض.
شاهد التقرير بالفيديو تكون الصورة أوضح




