عباس عبد الرزاق

الجزء الأول: المقدمة
تُعد وسائل الإعلام أحد أهم أدوات تشكيل الوعي الجمعي وبناء الهوية الوطنية، خصوصًا في المجتمعات التي تمرّ بظروف استثنائية من صراع سياسي أو اجتماعي. في السياق الكردي، برز الإعلام كوسيلة مقاومة قبل أن يتحول إلى مؤسسة ذات طابع رسمي. ومن بين أهم التجارب الرائدة في هذا المجال تجربة تلفزيون گەلی كوردستان، الذي تأسس في مطلع تسعينيات القرن الماضي، وتحوّل خلال أكثر من ثلاثة عقود إلى منبر إعلامي جامع، يجمع بين الرسالة السياسية والثقافية والاجتماعية.
تأسس التلفزيون في ظروف صعبة عقب الانتفاضة الكردية (1991)، حين كانت البنية التحتية شبه معدومة، والموارد التقنية محدودة. ومع ذلك، نجح في أن يكون صوتًا معبرًا عن الشعب الكردي، وعن تطلعاته في الحرية، وبناء المجتمع، وترسيخ الهوية.
تنبع أهمية دراسة هذه التجربة من عدة اعتبارات:
- إنها تجربة رائدة في مجال الإعلام الكردي، جمعت بين العمل الثوري والمأسسة الإعلامية.
- تُظهر كيف استطاع الإعلام أن يواكب التحولات السياسية والاجتماعية في كردستان.
- تعكس العلاقة بين الإعلام والحركات السياسية والاجتماعية، وبين الإعلام والمجتمع.
إشكالية البحث الرئيسة يمكن صياغتها في السؤال الآتي:
كيف ساهم تلفزيون گەلی كوردستان في بناء الهوية الوطنية الكردية، وما التحديات التي واجهها خلال أكثر من ثلاثة عقود من مسيرته الإعلامية؟
ومن هنا تنبثق فرضية المقال: أن تجربة تلفزيون گەلی كوردستان مثّلت إعلامًا مقاومًا “انحدرتُ منذ زمن المقاومة في الجبال، وخطّت له خطواتها . تحول تدريجيًا إلى مؤسسة إعلامية جماهيرية، ساهمت في تكوين هوية جمعية للكرد، لكنها واجهت تحديات بنيوية وتقنية وسياسية في ظل تحولات الإعلام العالمي.
الجزء الثاني: الإطار التاريخي والسياسي لولادة تلفزيون گەلی كوردستان
- السياق السياسي ما قبل 1991
قبل تأسيس تلفزيون گەلی كوردستان، كان الإعلام الكردي يعيش في ظل ظروف قاسية، حيث كانت الدولة المركزية في العراق تفرض سياسة المنع والرقابة على كل تعبير ثقافي أو إعلامي مستقل. كانت اللغة الكردية مُقيدة في الفضاء العام، ولم يكن مسموحًا بإنشاء مؤسسات إعلامية كردية مستقلة، إلا في إطار ما يخدم الخطاب الرسمي للسلطة.
ومع ذلك، لم يتوقف النشاط الإعلامي الكردي، بل تجلّى في أشكال مختلفة مثل:
- الصحافة السرية (المجلات والنشرات التي كانت تُطبع وتوزع في الجبال).
- إذاعة “صوت گەلی كوردستان” التي مثّلت أداة مهمة للتواصل مع الجماهير.
- التوثيق المرئي البدائي لبعض نشاطات البيشمركة. من قبل هیرو ابراهیم و عباس عبدالرزاق المعروف بـ (عباسی ڤیدیو) هذا السياق خلق حاجة ملحّة إلى وسيلة إعلامية تمثل صوت الكرد وتنقل معاناتهم وتطلعاتهم.
- ولادة التلفزيون بعد الانتفاضة (1991)
مع اندلاع انتفاضة آذار 1991 وسقوط قبضة النظام على أجزاء واسعة من كردستان العراق، انفتحت فرصة تاريخية لتأسيس مؤسسات مدنية وثقافية وإعلامية. في هذا المناخ، وُلد تلفزيون گەلی كوردستان كأول قناة كردية تحمل طابعًا جماهيريًا وتبث برامجها بانتظام.
البدايات كانت متواضعة:
- البث انطلق من مدينة السليمانية في 11/9/1991 بكلمة تاريخية ألقاها الرئيس الراحل جلال طالباني.
- الإمكانات التقنية كانت بدائية، تعتمد على أجهزة تسجيل بسيطة وكاميرات يدوية.
- فريق العمل تألف من إعلاميين وفنانين متطوعين، عملوا بروح بيشمركية عالية رغم نقص الخبرة والموارد.
- الدور السياسي في مرحلة التأسيس
كان تأسيس التلفزيون مرتبطًا بشكل وثيق بتجربة الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي سعى إلى بناء جهاز إعلامي قادر على:
- نقل صوت الكرد إلى الداخل والخارج.
- توثيق أحداث الانتفاضة وما بعدها.
- نشر خطاب سياسي وثقافي يعزز الهوية الوطنية ويعمّق مشاعر الانتماء.
لكن في الوقت نفسه، حافظ التلفزيون على تسمية “گەلی كوردستان” (شعب كردستان) كي يبتعد عن الطابع الحزبي الضيق ويكون منبرًا لكل شرائح الشعب، لا مجرد أداة حزبية. هذه التسمية كانت استراتيجية رمزية لضمان قبول جماهيري أوسع.
- الإعلام بين المقاومة وبناء الدولة
يمكن القول إن تلفزيون گەلی كوردستان مثّل إعلام المقاومة في مرحلته الأولى (حيث كان التحدي الأكبر هو مجرد البقاء والبث)، ثم تحوّل لاحقًا إلى إعلام الدولة/المؤسسة بعد أن رسخ مكانته كمنبر وطني. هذا الانتقال من “الشرعية الثورية” إلى “الشرعية المؤسسية” هو ما ميّز التجربة الكردية في الإعلام عن غيرها في المنطقة.
الجزء الثالث: البنية المؤسسية والتطور التقني لتلفزيون گەلی كوردستان
- البدايات المتواضعة
مع تأسيس التلفزيون سنة 1991، كانت الإمكانات محدودة جدًا:
. فی البدایە البث کان فی قاعە النشاط المدرسی فی سلیمانیە فی حینها کان المکان تحت انظار النقطة العسکریة للسلطة
- انتقل الاستوديو أقيم في منزل الفنان عثمان چێوار، حيث تم تركيب أجهزة بدائية للبث. کان یسمی ب ( سەردمی دوشکەلە ) ( مرحلة الاسرە )
- الكوادر الأولى كانت مزيجًا من إعلاميين شباب وفنانين متطوعين لا يملكون خبرة تقنية كافية
- عملية البث كانت بدائية، تعتمد على تسجيلات مسبقة ثم بثها لساعات محدودة يوميًا.
ورغم هذه التحديات، استطاع الفريق أن يحافظ على استمرارية البث، وهو ما منح الجمهور ثقة كبيرة بالمشروع الإعلامي الجديد.
- مرحلة قەڵاچوالان
مع اتساع الحاجة إلى فضاء إعلامي أكثر تنظيمًا، انتقل التلفزيون إلى قەڵاچوالان، حيث تم تجهيز استوديو أكثر أمانًا ومتانة، خصوصًا من الناحية الأمنية.
- شكل هذا الانتقال خطوة نوعية نحو تطوير البنية المؤسسية.
- تم جمع القدرات التقنية والفنية في مكان واحد، ما ساعد على رفع جودة الإنتاج.
- مرحلة السليمانية
بعد طرد قوات النظام البعثي من مدينة السليمانية، جرى تأسيس استوديو جديد داخل المدينة، الأمر الذي أتاح:
- مساحة أكبر للعمل الإعلامي.
- سهولة الوصول إلى الجمهور والفنانين والكوادر.
- إمكانية توسعة البث ليشمل برامج أكثر تنوعًا.
هذه المرحلة شهدت طفرة تنظيمية حيث بدأت القناة تتحول تدريجيًا من مشروع مقاومة محدود إلى مؤسسة إعلامية جماهيرية.
- التطور التقني
رغم ضعف الإمكانات، أصر العاملون على تطوير الأداء:
- إدخال أجهزة مونتاج بسيطة لإنتاج الكليبات والأفلام القصيرة.
- تسجيل الأرشيف المرئي لنشاطات البيشمركة والمجتمع الريفي.
- استخدام وسائل تقنية أولية لتقديم برامج للأطفال وأعمال درامية قصيرة.
هذا التطور التقني لم يكن مجرد مسألة مهنية، بل كان يعكس روح الإصرار والإبداع لدى الإعلاميين الكرد، الذين عملوا “بروح بيشمركية” لتقديم منتج إعلامي يليق بالجمهور.
- التنظيم المؤسسي
مع مرور الوقت، بدأت القناة تعتمد على:
- تقسيم العمل بين أقسام: الأخبار، البرامج الثقافية، الدراما، الأطفال.
- تدريب جيل جديد من الإعلاميين الشباب.
- استقطاب فنانين وتقنيين من خارج الوسط الحزبي، في محاولة لتعزيز البعد الجماهيري.
هذا التحول منح القناة مكانة راسخة كمؤسسة إعلامية وليس مجرد منبر حزبي، رغم ارتباطها التنظيمي بالاتحاد الوطني الكردستاني.
الجزء الرابع: المحتوى والرسالة الإعلامية لتلفزيون گەلی كوردستان
- الهوية الثقافية والبرامج الوطنية
كان الهدف الأساسي لتلفزيون گەلی كوردستان منذ البداية هو تعزيز الهوية الكردية ونشر الثقافة الوطنية:
- بث الأخبار اليومية والبرامج المتعلقة بالشأن السياسي والاجتماعي الكردي.
- تغطية نشاطات البيشمركة والتوثيق المرئي لانتصارات الانتفاضة.
- عرض برامج عن التراث والفلكلور الكردي، بما في ذلك الموسيقى والرقص الشعبي.
- إنتاج برامج للأطفال تركز على تعليم اللغة الكردية والقيم الثقافية، مثل دبلجة أفلام الكرتون إلى اللغة الكردية.
- البرامج التعليمية والاجتماعية
تلفزيون گەلی كوردستان لم يقتصر على السياسة والترفيه فقط، بل اهتم بالقيم التربوية والاجتماعية:
- برامج للأطفال مثل “منداڵان” وورش تعليمية لتنمية الوعي المدني.
- برامج تعليمية عن التاريخ والتراث الكردي.
- برامج حوارية ومناقشات حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية.
- تسليط الضوء على حياة القرى والمجتمعات المحلية، بما يعزز الاتصال بين المدينة والريف.
- البرامج الترفيهية والفنية
التلفزيون لعب دورًا مهمًا في حياة الترفيه الكردية:
- إنتاج برامج كوميدية قصيرة، مثل برنامج “كەشکۆڵ”، الذي جمع بين الكوميديا والواقع الاجتماعي.
- بث الأغاني والفيديو كليبات الخاصة بالموسيقيين المحليين، وتقديمهم للجمهور عبر شاشة التلفزيون.
- عرض أعمال درامية قصيرة، ساهمت في إطلاق مواهب جديدة في مجال التمثيل والإخراج.
- الدراما والفيلم القصير
- التلفزيون ساهم في إنتاج مجموعة من الأفلام والدراما التلفزيونية التي تناولت قضايا المجتمع الكردي والسياسة المحلية. تلك الفترة تم إنتاج عدة أفلام مثل (الشهداء یعودون هذا الأسبوع ، الموت الأرخواني، وطن الشمس، الدمع الأسود، العودة، عمل سري، جوهر، (احتفالیة الموت) وعدد من الأفلام الأخرى، كما تم التعاون مع الجهات الفنية والتقنية في عدد من الأفلام الأخرى التي لم تكن من إنتاج التلفزيون. وقد أُنتجت هذه الأفلام خلال فترة خمس سنوات، ثم تم عرضها في مهرجان الفيلم القصير الكردي تحت اسم ‘چرا’ في عام 1999، الذي أصبح فيما بعد منصة هامة لدعم السينما الكردية القصيرة والتعريف بها، ومهد الطريق لمخرجي الجيل الجديد لتقديم أعمالهم وإظهار مواهبهم الفنية على المستوى المحلي والإقليمي.
- دعم إنتاج الأفلام القصيرة ومهرجاناتها، مثل مهرجان “جرا ” (1999)، ومهرجانات اخری الذي عرض أعمالًا وطنية قصيرة وكرّم مخرجين شباب.
- التعاون مع فنانين وتقنيين لإنتاج أفلام لم تكن ممكنة في البداية بسبب ضعف الإمكانات.
- رسائل تربوية ومهنية
- تعزيز القيم الأخلاقية والاجتماعية من خلال برامج الأطفال والشباب.
- الحفاظ على المهنية الإعلامية رغم الضغوط السياسية والحزبية.
- تقديم محتوى متوازن يجمع بين الترفيه، الثقافة، السياسة، والتعليم، ما جعله قناة محبوبة وموثوقة للجمهور الكردي.
الجزء الخامس: الأثر الاجتماعي والسياسي لتلفزيون گەلی كوردستان
- تعزيز الهوية الوطنية
كان لتلفزيون گەلی كوردستان دور محوري في تشكيل الهوية الوطنية الكردية:
- توفير محتوى يعكس التراث والثقافة الكردية لكل شرائح المجتمع، بلا تمييز حزبي أو مناطقي.
- بث البرامج التي تناولت تاريخ كردستان، المقاومة الكردية، وانتصارات البيشمركة، ما ساهم في ترسيخ الانتماء الوطني لدى الأجيال الجديدة.
- تقديم برامج للأطفال باللغة الكردية، ما ساعد على ترسيخ اللغة الوطنية في بيئة سمعية وبصرية ممتعة.
- التواصل مع المجتمع
التلفزيون لم يكن مجرد وسيلة إعلامية، بل جسر تواصل بين مختلف شرائح المجتمع:
- توثيق الحياة الريفية في القرى ونقلها إلى المدن، ما ساعد على توحيد الهوية الجمعية.
- عرض البرامج الحوارية التي ناقشت مشاكل المجتمع وقضاياه اليومية، من التعليم إلى الصحة والثقافة.
- توفير منصة للفنانين والمثقفين للتعبير عن آرائهم ومواهبهم، مما عزز الوعي الثقافي والجمالي في المجتمع.
- التأثير السياسي
- لعب التلفزيون دورًا في نقل الأحداث السياسية بطريقة مباشرة وموثوقة، ما جعله مصدرًا رئيسيًا للأخبار بعد الانتفاضة.
- دعم خطاب المقاومة والحرية دون الانحياز الضمني لأطراف خارجية، ما أكسبهما أكسبەي.
مصداقية كبیرة
- ساهم في ترسيخ مفاهيم الديمقراطية والمشاركة المدنية من خلال البرامج الحوارية والمناقشات المجتمعية.
- بناء ذاكرة جماعية
- أرشفة النشاطات العسكرية والثقافية والسياسية كانت خطوة مهمة لحفظ الذاكرة التاريخية للشعب الكردي.
- الأفلام والبرامج والوثائق المصورة حول المقاومة والحياة اليومية شكلت سجلًا ثقافيًا واجتماعيًا يمتد لأكثر من ثلاثة عقود.
- هذه الأرشيفات أصبحت مرجعًا للباحثين والمهتمين بالتاريخ الكردي الحديث.
- إشاعة القيم الاجتماعية والأخلاقية
- التركيز على القيم المدنية، مثل العدالة، التضامن، المسؤولية الاجتماعية.
- استخدام الإعلام كأداة لتثقيف الجمهور، خصوصًا الشباب، بما يتماشى مع الأخلاقيات الإعلامية.
- البرامج التعليمية والترفيهية لم تكن ترفيهية بحتة، بل وسيلة لتنشئة جمهور واعٍ ومثقف.
الجزء السادس: التحديات والآفاق المستقبلية لتلفزيون گەلی كوردستان
- التحديات التقنية والمؤسسية
على الرغم من النجاحات الكبيرة، واجه التلفزيون مجموعة من التحديات التقنية والمؤسسية:
- محدودية الإمكانات المالية والمعدات الحديثة، خصوصًا في المراحل الأولى من التأسيس.
- نقص الكوادر المدربة في الإعلام الحديث والتقنيات الرقمية.
- الاعتماد على أساليب بث تقليدية محدودة النطاق، ما أثر على الوصول إلى جمهور أوسع في الداخل والخارج.
- التحديات السياسية والإدارية
- وجود صلة تنظيمية بالاتحاد الوطني الكردستاني، ما قد يؤثر على الاستقلالية المهنية أحيانًا.
- مواجهة ضغوط سياسية في ظل التحولات الإقليمية والصراعات الداخلية بين الأحزاب الكردية.
- الحاجة إلى الموازنة بين الرسالة الإعلامية الوطنية وبين التحديات السياسية اليومية.
- تحديات المنافسة الإعلامية
- ظهور القنوات الفضائية والإعلام الرقمي، مما زاد من التنافس على جذب الجمهور.
- التحولات في استهلاك الإعلام، مثل المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، تطلبت إعادة النظر في استراتيجيات البث والمحتوى.
- ضرورة تطوير أساليب جديدة لجذب الجيل الشاب الذي أصبح أكثر ارتباطًا بالتكنولوجيا.
- الآفاق المستقبلية
- تطوير البنية التقنية للمحطة لتصبح قناة رقمية متكاملة.
- تدريب وتأهيل الكوادر الإعلامية على استخدام التقنيات الحديثة وإنتاج محتوى رقمي تفاعلي.
- تعزيز البرامج التعليمية والثقافية والفنية لتلبية احتياجات الجيل الجديد.
- الحفاظ على الاستقلالية المهنية والبعد عن الانحياز الحزبي، مع استمرار التركيز على الهوية الوطنية والقيم الاجتماعية.
- بناء شراكات إعلامية مع قنوات عربية ودولية لنقل صوت كردستان للعالم، مع الاحتفاظ بالرسالة الوطنية.
الجزء السابع
تُظهر تجربة تلفزيون گەلی كوردستان مدى قوة الإعلام في بناء الهوية الوطنية وتعزيز الوعي الاجتماعي والسياسي، حتى في ظل ظروف صعبة ومحدودية الموارد. خلال أكثر من ثلاثة عقود، نجح التلفزيون في أن يكون:
- منبرًا وطنيًا جماهيريًا: جمع بين الفئات المختلفة للشعب الكردي، وعكس تطلعاتهم الثقافية والسياسية والاجتماعية.
- مؤسسة إعلامية متكاملة: رغم بداياته المتواضعة، تطور إلى قناة منظمة تمتلك برامج متنوعة تشمل الأخبار، الثقافة، الأطفال، الترفيه، الدراما، والفيلم القصير.
- حافظًا للذاكرة الجماعية: أرشفة النشاطات العسكرية والثقافية والسياسية شكلت سجلًا قيمًا للجيل الحالي والمستقبل.
- أداة للتنشئة الاجتماعية والأخلاقية: البرامج التعليمية والترفيهية ساعدت على تعزيز القيم الاجتماعية والوطنية لدى الجمهور.
ومع ذلك، يواجه التلفزيون تحديات عدة، أهمها: التقنيات الحديثة، المنافسة الإعلامية الرقمية، الحفاظ على الاستقلالية المهنية. لذلك، فإن المرحلة المقبلة تتطلب تطوير البنية التقنية، وتأهيل الكوادر، وتوسيع نطاق البث الرقمي، مع الحفاظ على الرسالة الوطنية والثقافية التي ميزت التجربة منذ البداية.
في الختام، تظل تجربة تلفزيون گەلی كوردستان نموذجًا فريدًا لإعلام المقاومة الذي يتحول تدريجيًا إلى مؤسسة جماهيرية مستدامة، توازن بين التراث والهوية الوطنية، والتعليم والترفيه، والسياسة والثقافة، وهو درس مهم لكل تجارب الإعلام في المناطق التي تواجه صراعات سياسية واجتماعية.
الجزء الثامن: المراجع
- أرشيف تلفزيون گەلی كوردستان (1991–2025).
- مقابلات وشهادات الإعلاميين والفنانين العاملين في التلفزيون. مع مذکرات عباس عبدالرزاق عن تلفزیون گەلی کوردستان
- كتب ومقالات عن الإعلام الكردي:
- أحمد، س. (2015). الإعلام الكردي وتحديات الهوية الوطنية. بغداد: دار المشرق.
- محمد، ر. (2018). الإعلام والمقاومة في كردستان العراق. أربيل: المركز الكردي للأبحاث.
- تقارير ومقالات حول برامج الأطفال والدراما التلفزيونية الكردية.
- وثائق ومهرجانات الأفلام القصيرة في كردستان، مثل مهرجان “چرا” 1999.

