الكاتب .. ثامر الهيمص
يحتوي هذا العنوان كل ما جاء من اتفاقيات ومذكرات تفاهم , التي تمت في اطارها التاريخي من 2011 الى عام 2019 ’ اذ تتضمن من الاعمار في البينية التحتية والمدارس ومستحقات الحزام والطريق الى مشروع الفاو الكبير , كل هذا يأتي في اطار عقد بعنوان النفط مقابل الاعمار.
ليس غريبا ان نتفق مع الصين بعد حصولها عى الاولوية في ميزاننا التجاري فهي الاعلى في الاستيراد منها والاعلى في التصدير النفطي اليها, لذلك فالاتفاق المعلن بتسديده نفطا , هو جوهر الامر والجائزة الكبرى ’ اذ ربما يكون فريدا كمقايضة وصفقة تاريخية ’ حيث نسمع ان الصين تستحوذ على المشاريع التي تنفذها ’ اذا لم يسدد المستفيد ,بينما اتفاقنا يعبر هذا الخطر بنفطه.
ولا ننسى ان اول موانئ العرب في التجارة البحرية في زمن الاسلام مع الصين هي مدينة البصرة التي انشأها الخليفة الثاني من الخلفاء الراشدين.
فان انظمام العراق الى مبادرة الحزام والطريق يأتي من سياق متميز الى واقع ملموس من خلال توقيع اتفاق اطار التعاون لضمان ائتمان الصادرات.
ورب سائل يسأل بعد المباشرة ببناء الفي مدرسة , لم نلمس ما يتعلق بمشروع الفاو الكبير واللغط الذي اثير حوله، اذ لم نرى غير الشركة الكوريه الجنوبية تعمل
اننا غالبا ما نستعجل الامور فالصين ليست في عجلة من امرها رغم اهمية الحزام والطريق الذي بلغ عدد منتسبيه 54 دوله بما فيها من الاتحاد الاوروبي , فالصين كما يبدو لا ترغب في مضايقة من يضايقهم مشروعنا وهم دول نفطية متشاطئة معنا وهي دول الخليج . كما ان الصين يبدوا تراهن على التجارة العالمية التي سوف لا تكفي الموانئ الحالية لاستيعابها ’ ليأتي ميناء الفاو كمشروع كبير كقفزة نوعية في سلاسل التوريد من حيث الكلفة ماليا وتوقيتا في الافق المنظور , حيث البر الاوروبي الاقرب بريا والاجدى اقتصاديا للبائع والمشتري وصاحب المشرووع لتجارة الحزام والطريق . بالاضافة لدوره في ارساء الامن المشترك بتكاملهم تجاريا وتنمويا ولوجستيا مثل الربط السككي بالبر العراقي ثم البر التركي فالاوروبي.
يقول احد السياسين الصينيين : ان النهضه الصينية لن تحذو حذو امريكا او تتنافس معها’ ولن تقوم هذه النهضة على الاساليب التي تستخدمها الولايات المتحدة مع الاخرين.
فهذه الرؤية الصينية تنسجم مع السياسة الصينية غير المغامرة التي لا تنسجم مع غريمها التاريخي بمغامرات معروفة في العراق وافغانستان وسبقها في فيتنام وكوبا وغيرها اذ المنطلق مختلف اذ الغريم الامريكي تقوده شركات ,والضد النوعي يقوده حزب شيوعي بتراث شرقي كونفوشوسي مختلف , اضافة لتجربة غنيه كتراث و معاصرة , حيث لعبت الحركة الديمقراطيةة بعد ماو دورا مفصليا حيث توفر لها ضغط شعبي خلاق بحيث اعادت القيادة الصينية النظر بجميع الاليات ’ التي تصب في خانة الجدوى وليس في الشعارات فقط . تكمن عظمة الحركه من اجل الديمقراطية لسنة 1989 عن كونها اظهرت الطيبة والشجاعة والشعور بقيم العدالة وروح التضحية لدى الاغلبية الصامتة , ليست الاصلاحات ممكنة الا اذا ضغط المجتمع على السلطة , ولا تتوقف على وعي النخبة بوجوب اعادة صياغة شرعيتها فغالبية الاصلاحات هي نتيجة تراكم ضغط المجتمع.
لذلك وضعت الصين ستراتيجيات بعيدة غير قابله للتغير , براسمالية دولة لها هدف مركزي وليس انجازات لسنوات اربع تعصف بها اعتبارات الربح المباشر وضغط البورصات او اقتصاد الكازينو، فالحزام والطريق الذي سيكون المشروع الذي تقدم الصين منجزها الحضاري من خلاله بات ستراتيجية واثقة الخطى , ولذلك يشكل تنسيق الصين الاستراتيجي مع الوطن العربي جزءأ مهما من رؤية (الحزام الواحد , الطريق الواحد ) وقد اقترحت الصين استراتيجية تعاون شامل عرفت ب 1+2+3.
يرمز الرقم واحد الى الحاجة الى زيادة التعاون في مجال الطاقة ليشمل طائفة من القضايا مثل انتاج النفط والغاز , وضمان وسلامة طرق النقل والطاقه وتأسيس علاقات صينية _ عربية طويلة وذات منفعة متبادلة في مجال الطاقة . ويرمز الرقم اثنين الى جناحي تطوير البنية التحتيه , وهما البناء وتسيير التجاره والاستثمار . ويرمز الرقم ثلاثه الى النجاحات اللازم احرازها في مجالات الطاقه النوويه العالية التقنية والاقمار الصناعية , والطاقة الجديدة لرفع مستوى التعاون الفعلي بين الصين والوطن العربي.
بناء على ما تقدم، ليكون النفط هو المحور وباختصار ما يعني اوبك بلص اي ان العنصر الروسي لاعبا بارزا في الاوبك’ وما يسبق ذلك من تراكمات سياسية ودبلوماسية وعسكرية واقتصادية . والتنين الصيني يراقب عن كثب كون الشرق الاوسط بات القلعة الاخيره للغرب وامريكا راس رمحه اذ جيوبهم في شرق اسيا تتفاعل مع الصين بهدوء وروية عبر شراكات تقلم الاظافر في ظل حكمة صينية مطمئنة , ناهيك عن الحكمة الهندية التي ترفض ان تكون جزء من محور . وهكذا باقي الدول من اليابان الى استراليا ونيوزيلنده . بكل الاحوال لاتشبه منطقتنا في الصراع وتجارة النفط والموقع الستراتيجي , نظرا لرسوخ تجاربها وبعدها عن حلبات الصراع الدولي نسبيا.
فعندما تنشأ امريكا اكبر سفارة وملحقية في العالم عندنا ليس بطرا وبذخ , بل لغاية في نفس العم سام ’ اغلبنا لايستطيع ان يجزم ويحدد افاقها , فايران متجهة الى اتفاق النووي واتفاق مع الرياض وامريكا تسعى لحل الدولتين لسحب البسط من تحت اقدام الرادكالية العربية والاسلاميه كما يسمونها , ودول الخليج اغلب تجارتها النفطية الان مع الصين والهند وعلاقه مع روسيا من خلال اوبك بلص , ’ ولكن اللاعب الروسي يدخل طرفا شرسا في المعادلة الدولية , ويبدو ان لاعب الشطرنج لا يمكن توقع نقلاته لحد الان.
ومع ذلك وحسبما ظهر من جبل ثلج القمتين المتكافئتين في تموز يعني ان العراق سيحصل على كهرباء تغنيه ربما عن الغاز الايراني , ولكن ايكال دور اقليمي كمحور يتناسب مع الاهتمام الاقليمي والدولي امر يحمل مجازفة لاي من اللاعبين العرب والمسلمين الان او في الافق المنظور . ولكن علينا ان نتوقع او نرى وفق نظرية المصالح ان تركيا وايران لا يسعنا ان نصطدم بهما كما ان الخلاف امر غير وارد بكل الاحوال مع اي جار , في هذه المرحلة . حيث جيراننا كلا لديه اسبابه ومنطلقاته ومصالحه باغطيه ايديولوجيه كما نعهدها الان وقبل, فايران اغلب جوارها هم غير متجانسين قوميا او مذهبيا وهذا ما تحظى بعكسه السعودية اذ تتمتع بجوار منسجم اغلبه قوميا ومذهبيا , وهذه الخلافات كانت عنوان معروف لجميع الصراعات غير ذات العلاقه بالمذاهب او اللغات القوميه وهذا ما تم توظيفه سياسيا بشكل فج احيانا, وهذه افة السياسة الخارجية التي وجدت في عراقنا مكانا متميزا , سيكون حاضرا في علاقتنا الاقليميه التي تتباين خارج مستحقات المصالح . كما لمسناها في مستحقات ملف المياه الذي لم يحرك اصحاب الولاءت المذهبية المسيسة ساكنا وربما كانوا كاثوليك اكثر من البابا.
اذن بات مشروع او برنامج النفط مقابل الاعمار ليس مجرد رؤية اقتصادية تنموية ’ بات برنامجا سياسيا يؤسس لروئ في الثقافة والاجتماع والسياسة حيث تصطف الفئات والشرائح الاجتماعية لتقف على بنيه تحتيه واحدة بخدمات جامعه وبزراعة حديثة وبصناعه مبنية على اسس فنية واقتصادية حديثة . وعكس ذلك اي بدون مقايضة النفط ذو الوفرة المحسودين عليها بحدود اكثر من عشرة مليار سنويا وسترتفع بعد ان نصطف من خلال خط البصرة عقبه بانتاج مضاعف ,فهل نذهب بذات اللاليات للعقدين الماضيين لمزيد من الفضائيين والمزورين وترهل موظفي 17 دقيقه عمل بعطل 118 يوم في السنة عدا الاجازات المرضية والاعتيادية كمستحقات عمل , ناهيك عن تضاعف متقاعدي البرلمان كل اربع سنوات بامتيازاتهم المعروفة الغير دستورية بما فيه رواتبهم وامتيازاتهم, سيذهب النفط هكذا لتخطفه الميزانية التشغيليه بنسبة اكثر من 70% رسميا وموازنة استثماريه تذهب للمشاريع المتلكئة والفاشلة , هل هؤلاء سيكونوا رواد وفقهاء هذه الفرصة التاريخية ؟ , فليس من المعقول ابدا ان يكون لدينا علاقة طردية بين الفقر والبطالة والتفاوت الطبقي والانفجار الديمغرافي . الادوات القديمة من خلال المحاصصة لا يسعها ان تكون عراقية خالصة بكل الاحوال تبني بعد ان هدمت . اذن لا امل من التحاصص اذا كان هو من يدير الملف النفط مقابل الاعمار، كتجربة لمسناها وولاءات تجسدت بفساد وفشل لا زال متحكما اذ وصل للاعودة.