شهدت محافظة حلبجة في شهر أغسطس كارثة بيئية وإنسانية غير مسبوقة، بعدما اندلع حريق هائل في المناطق الجبلية والزراعية، التهمَ آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية والمسطحات الخضراء، وخلّف خسائر بشرية ومادية.
وتسبب الحريق بتضرر 6 قرى و5000 دونم من الاراضي الزراعية وأودت بحياة شخصين كانا يحاولان إخماد الحريق.
معدل الحرائق
وقالت محافظ حلبجة نوخشة ناصح إن حرائق الغابات ألحقت الضرر بـ نحو 5000 دونم من الأراضي الزراعية، معزية تأخير السيطرة عليها، على عدم توفر المعدات المطلوبة في الإطفاء، وطبيعة المنطقة الجغرافية، إلى جانب قسوة المناخ.
وأوضحت أن حلبجة حالياً بحاجة لمزيد من حملات التشجير لتعويض الخسائر الكبيرة، التي فقدتها من المساحات الخضراء، وهناك خطة نعمل عليها مع حكومة الإقليم، للبدء بهذه الحملة.
ونفقت العشرات من الحيوانات البرية والطيور جراء الحريق. وأجبر النحالون ومربو المواشي المحليون على ترك أماكنهم، مع تعرض عشرات الحيوانات للاحتراق.
وبهذا الصدد يؤكد الخبير في الشأن البيئي فؤاد كاكائي إلى أن الحرائق الأخيرة التي اندلعت في حلبجة، كانت هي الأخطر، والأكبر منذ سنوات.
وقال كاكائي في حديث له إن “الحرائق تحصل منذ أربع سنوات، وسببها التغييرات المناخية، وارتفاع درجات الحرارة، ولكن هذا العام كانت هي الأكبر، ولم تسيطر عليها فرق الدفاع المدني، والجهات المختصة، بسبب نقص الآليات والمعدات”.
وأشار إلى أن “الحريق وقع في المنطقة الحدودية مع إيران والمسماة سازان، واندلع في قرى “نيجل، وجنارى، وموردين”، وتسبب بخسارة ألف شجرة من البلوط، وأكثر من ألفي شجرة من “البطن” التي يستخرج منها علك الماء، وهي من الأشجار النادرة”.
ولفت إلى أن “الحرائق أدت لترك المئات من النحالين قراهم، ونفوق مئات الحيوانات البرية، كما أن هذه الحرائق ستؤثر بشكل كبير على نسبة تلوث الهواء في حلبجة خلال الفترة المقبلة”.
وكانت مديرية الزراعة العامة في حلبجة لجنة مشتركة من مديرية الغابات والمراعي، ومديرية البستنة، وقسم الأراضي، لتقييم أضرار الحريق الذي اندلع في آب أغسطس الماضي، والذي أدى إلى احتراق مساحات واسعة من الغابات والمراعي وبساتين المواطنين.
وقدّرت اللجنة بعد تقييم دقيق، الأضرار بإحتراق أكثر من خمسة آلاف دونم من الغابات الطبيعية، وأكثر من ألف دونم من المراعي الطبيعية، إضافة إلى 36 دونماً من بساتين القرى الثلاث موردين، چناري كوكويي ونيجل.
مصدات هوائية
ويقول كارزان عبد الله وهو خبير في الشأن البيئي إن الحرائق الأخيرة جردت حلبجة بنسبة كبيرة من حزامها الأخضر، الذي كان بمثابة مصد لها، من التغييرات المناخية والغبار، والأتربة، ويعطي أهلها متنفساً هوائياً.
ولفت خلال حديثه أن “هذه الغابات كانت تشكل مصداً هوائياً يحمي أهالي حلبجة، ويساهم بخفض درجات الحرارة في المدينة المحاذية لإيران، كما أنه بمثابة بيت آمن ومستقر للحيوانات البرية، التي نزل أغلبها إلى مركز المدينة، بعد الحرائق”.
وشدد على أن “حرائق الغابات تسببت بخسائر اقتصادية كبيرة، فأغلب القرى التي احترقت كان أهلها من النحالين، والمزارعين، الذي يصدرون منتجاتهم، إلى المناطق والمدن الأخرى، وبالتالي هؤلاء أصبحوا بلا عمل، ما يزيد من نسب البطالة”.
معالجة الأزمة
ويطرح الخبير المختص والأكاديمي رفيق نجم الدين عدة حلول لغرض معالجة الأزمة الأخيرة التي تسببت بها حرائق حلبجة.
وذكر خلال حديثه أنه نحتاج إلى حملة واسعة وتخصيصات مالية كبيرة من قبل حكومة إقليم كردستان، والحكومة الاتحادية، لزراعة أكثر من 50 ألف شجرة على المدى القريب، وتعويض الخسائر الكبيرة، التي تسببت بها الحراق.
وأضاف أنه “يجب التركيز على زراعة أشجار سريعة النمو مثل السدر والبلوط، والجوز، والزيتون، ونحتاج خلال السنة الحالية لزراعة 1500 شجرة بلوط، لكي نعوض خلال الموسم المقبل، أضرار الحرائق، وما تسببت به من تغييرات مناخية، وتدمير الحزام الأخضر”.
كما أنه “يجب الاستعداد لموسم الصيف المقبل، من خلال تحضير الآليات، وتجهيز المعدات، وتدريب فرق الدفاع المدني، وتجهيزهم بالسيارات الحديثة، وزيادة الفرق التطوعية، لكي تكون قادرة على التعامل مع ملف الحرائق، والسيطرة عليها بوقت قياساً، ومنع تمددها، كما حصل خلال الموسم الحالي، حيث استمرت الحرائق لمدة 3 أيام”.
مواطنون من حلبجة اشتكوا من بروز التغييرات المناخية بشكل واضح في حلبجة، وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة معدلات التلوث، وظهور الأتربة بشكل غير مألوف.
المواطن نوجين أحمد أشار إلى أنه خلال السنوات السابقة لم تصل درجة الحرارة إلى هذا المستوى، كما وصلت له في العام الحالي، كما أن معدل التلوث زاد بنسبة كبيرة، حيث زادت الأمراض، وظهور الحشرات بنسبة كبيرة.
كما بين أن “الموجات الغبارية لم تكن بهذا الشكل في حلبجة، وكان القرى والغابات التي احترقت، هي بمثابة مصدات هوائية”.
وبدأت عدد من المنظمات والمتطوعين بحملات لغرض زراعة الأشجار في الغابات والقرى المحترقة، لكنها تنتظر دعماً أكبر من الحكومة، والجهات الدولية، لغرض تعويض الخسائر، وإعادة الحزام الأخضر لحلبجة.
وحلبجة هي أحدى محافظات إقليم كردستان العراق، وهي منطقة جبلية، وتتمتع بطبيعة خلابة، ومساحات خضراء، وهي مدينة محاذية لإيران.
تقرير_علي الحياني
تم إنتاج هذا التقرير بدعم Social Justice Fund ومؤسسة صحفيون من أجل حقوق الإنسان jhr (فرع العراق).

