أ.م.د. ژینۆ عبدالله علي
مع إطلالة الخريف وما يحمله من نسائم باردة تداعب الروح، عدتُ إلى عادتي القديمة في القراءة بعد انقطاع طال أشهر الصيف الحارة. كنت قد استبدلت الكتب بالأفلام الدرامية من الثمانينات والتسعينات، تلك التي حازت على جوائز مرموقة وتركت بصمة في تاريخ السينما.

وعندما دخلت مكتبتي الصغيرة، وجدت بعض الكتب تنتظرني على الرف، وكأنها تستعد لموعد طال انتظاره. من بينها اخترت كتيباً صغيراً للكاتبة والأديبة المرموقة ژيان رفيق حلمي، وهو مجموعة قصص قصيرة بعنوان “أحلام متبددة” من منشورات مؤسسة المسرى الإعلامية.
يضم الكتاب تسع قصص قصيرة تحمل عناوين معبرة: “لعبة الشيطان، الجندي المفقود في الجبهة، الرغبة، عودة الغائب، المراهق، رغبة مغلقة بالدموع، الجحود، الجموح، وبمجيئه وُلدت من جديد”. ما يميز هذه القصص أنها واقعية، عاشتها الكاتبة في بغداد خلال الثمانينات من القرن الماضي.
من الناحية الفنية، أقول بصراحة إن بناء القصة وعناصر السرد ليست في المستوى المطلوب تماماً، لكن هذا التبسيط يجعلها سهلة القراءة، خاصة لغير الناطقين بالعربية. وهنا أتذكر ما قاله نجيب محفوظ، الحائز على نوبل، في حواره مع رجاء النقاش، عندما أكد أن كتابة القصة القصيرة أصعب من كتابة الرواية – وهذا موضوع يحتاج إلى تفصيل أكثر يمكن للقارئ الكريم أن يجده في الكتاب المذكور.
أما من ناحية اللغة، فهي رشيقة وجميلة، حاولت الكاتبة أن توظف خبرتها في القراءة والكتابة لتقدم أسلوباً أدبياً بمفردات وتعابير مدروسة.
ما لفت انتباهي في الكتاب هو لغته البسيطة، التي أراها مناسبة جداً لطلاب الجامعات الذين يسعون بجد لتعلم العربية. يمكنهم الاستفادة منه في دراستهم حسب تخصصاتهم، خاصة في أقسام القانون والإعلام. أنصح بقراءة هذا الكتيب، حيث تمكنت الكاتبة بأسلوب بسيط ورشيق من توصيل الفكرة بمفردات وتعابير سهلة لغير الناطقين بالعربية. فالقراءة هي من أساسيات تعلم أي لغة، وهذا الكتيب نقطة انطلاق ممتازة.
أرجو من العاملين في مؤسسة المسرى أن يستمروا في نشر مثل هذه المنشورات من القصص والمقالات، لكي يستفيد الطلاب الجامعيون الذين يحاولون بجد تعلم لغة الضاد بشكل سليم ومبسط. وأنا شخصياً، منذ عامين تقريباً، أقرأ هذه النصوص في محاضراتي للطلاب، وأرى كيف يستمتعون بالمضمون الواقعي واللغة السهلة الفهم.


