رزكار شواني
يعد مقهى الشعب واحداً من أقدم وأشهر المقاهي في مدينة السليمانية، إذ تأسس عام 1950 ليكون أكثر من مجرد مكان لتناول الشاي، بل فضاءً ثقافياً واجتماعياً حمل بين جدرانه ذاكرة المدينة وروحها. فمنذ منتصف القرن الماضي، أصبح هذا المقهى مقصداً للأدباء والمفكرين والسياسيين والفنانين، حيث كانوا يتبادلون الآراء والأفكار ويخوضون نقاشات حيوية حول قضايا المجتمع والثقافة والسياسة.
يقع مقهى الشعب في قلب السليمانية القديمة، ويمتاز بطابعه التراثي البسيط الذي يحافظ على سحر الماضي وجمال الأصالة، وما زال حتى اليوم يحتفظ بأجوائه التقليدية التي تجمع بين عبق التاريخ ودفء اللقاءات اليومية، حيث يلتقي فيه الشيوخ والشباب، العمال والطلاب، لتصبح طاولاته شاهدة على قصص لا تنتهي.
تزين جدران المقهى بصور كبار الشخصيات الكردية من أدباء وشعراء ومناضلين، مثل الراحلين الذين تركوا أثراً كبيراً في الحياة الثقافية والسياسية في كردستان. تلك الصور لا تضفي فقط طابعاً جمالياً على المكان، بل تذكر الزوار بأن هذا المقهى كان وما زال جزءاً من الذاكرة للمدينة.
تتردد في أرجاء المقهى أصوات لعبة الدومينو والطاولة، وصدى أحاديث الزبائن المفعمة بالحياة، فيما تعبق رائحة الشاي الكوردي الأصيل في الأجواء يجلس الزوار على كراسيه الخشبية القديمة، يحتسون الشاي في كؤوس صغيرة رقيقة، ويتبادلون الأحاديث عن الماضي والحاضر، وكأن الزمن توقف عند لحظة من الحنين الجميل.
ورغم تغير ملامح الحياة الحديثة وظهور المقاهي العصرية في السليمانية، ما زال مقهى الشعب يحتفظ بمكانته الخاصة في قلوب أهل المدينة وزوارها، فهو ليس مجرد مقهى، بل رمز للذاكرة والتراث، وملتقى للأجيال التي تتوارث حب المكان جيلاً بعد جيل.
– الصورة التقطت داخل مقهی الشعب في السلیمانیة تجمع كاتب المقال مع بكر اسطة شریف چایچي اطال الله بعمره .


