استئناف تصدير نفط كردستان
كتابة : نرمين عثمان
ترجمة : نرمين عثمان محمد
بعد توقف دام أكثر من عامين، استأنف العراق تصدير نفط إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي.
وقد عُدّت هذه الخطوة تفاهمًا اقتصاديًا مؤقتًا بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، وجاءت في ظل غياب إطارٍ قانوني دائم وشامل لقطاع النفط والغاز في البلاد.
في شهر آذار/مارس 2023، تم إيقاف تصدير نفط كردستان بقرارٍ دوليٍ اعتبر أن تصدير الإقليم للنفط دون موافقة بغداد يمثل انتهاكًا للاتفاقات السابقة مع تركيا. وجاء القرار إثر دعوى قضائية رفعها العراق أمام محكمة التحكيم الدولية، ما أدى إلى توقف تصدير نحو 450 ألف برميل يوميًا كانت تُضخ عبر أنبوب جَيهان التركي.
منذ ذلك الحين، دخلت العلاقات بين بغداد وأربيل مرحلة جديدة من التوتر، حيث ربطت الحكومة الاتحادية صرف حصة الإقليم من الموازنة العامة بتسليم نفطه لبغداد، فيما اعتبرت حكومة الإقليم ذلك انتهاكًا لحقوقها المالية .
تفاصيل الاتفاق النفطي الجديد
وفقًا لمصادر حكومية، نصّ الاتفاق الجديد على أن شركة “سومو” الوطنية التابعة للحكومة الاتحادية تتولى الإشراف على تصدير نفط إقليم كردستان، على أن تُودع العائدات في حسابٍ مصرفي يخضع لرقابة الحكومة الاتحادية، مقابل التزام بغداد بصرف حصة الإقليم من الموازنة. كما نص الاتفاق على ضرورة التزام الطرفين بالشفافية وتبادل المعلومات الفنية.
هذا الاتفاق يُعد ترتيبًا مؤقتًا إلى حين إقرار قانون النفط والغاز، وهو مشروع قانون ظل معلقًا في البرلمان العراقي لسنوات، إذ عُرض أكثر من مرة على مجلس الوزراء، لكنه كان يُسحب دائمًا قبل التصويت بسبب الخلافات السياسية حوله.
الأبعاد السياسية والإقليمية
يرى المراقبون أن الاتفاق لا يخلو من الحسابات السياسية، خصوصًا في ظل كل تلك التعقيدات الداخلية والإقليمية التي تواجه الحكومتين في بغداد وأربيل. فما حدث لا يمكن فصله عن محاولات احتواء التوتر السياسي والمالي بين الجانبين، وهو من جهة أخرى مسعى لكسب الوقت أكثر من كونه حلاً جذريًا.
أما أنقرة، فلها دور واضح في تسهيل استئناف التصدير ولم تخفي ذلك ، لأنها تسعى دوماً في خضم تطورات التنافس الإقليمي لتعزيز موقعها كممر استراتيجي للطاقة نحو أوروبا، مما يمنحها مكاسب اقتصادية وجيوسياسية كبيرة.
ورغم الترحيب الرسمي بالاتفاق، إلا أن تنفيذه قد يواجه عقبات عدة، أهمها غياب إطار قانوني دائم ينظم العلاقة بين بغداد وأربيل في قطاع الطاقة، إضافة إلى الاضطرابات السياسية الداخلية في العراق، وانعدام الثقة بين الأطراف، وتقلب أسعار النفط عالميًا،لذلك هناك مخاوف من حصول الأزمة بين الطرفين مرةً أُخرى في حال ِ لم يلتزم الطرفان ببنود الاتفاق، أو تم استخدامه كورقة مزايدةِ سياسية – خصوصًا مع اقتراب الانتخابات .
إن هذا الاتفاق، رغم أهميته، لا يعني انتهاء الخلاف بين بغداد وأربيل، بل هو فرصة مؤقتة لتخفيف التوتر بينهما. ومع ذلك، تبقى العقبة الكبرى في قدرة مؤسسات الدولة العراقية على إيجاد حل مستدام يتجاوز المنطق المرحلي ويقود إلى شراكة حقيقية تضمن توزيعًا عادلا ًلثروات البلاد.
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.

