فؤاد عثمان/ كاتب صحفي
الـ 30/ آب أغسطس من كل عام هي الذكرى السنوية للمفقودين، استحدثت من قبل الأمم المتحدة لاستذكار و لفت الأنظار إلى مصير الأفراد الذين فقدوا أو تقطعت بهم السبل للتواصل مع ذويهم لأي سبب كان ( ظروف الحروب أو زج المفقود في السجون لأسباب سياسية و النزاعات الداخلية والإقليمية) وحددت الأمم المتحدة هذا اليوم كيوم عالمي للأشخاص المفقودين ويتم إحياء هذه المناسبة في كل أرجاء العالم.
من أبرز مسببات فقدان الأشخاص الحروب، حيث لا حرب إلا وصاحبتها أعداد كبيرة من المفقودين. ففي العراق على سبيل الذكر نرى حروب طاحنة فرضها النظام البعثي المتعطش للدماء، فإلى جانب المجازر التي قام بها، زج النظام البائد الشعب العراقي بالعديد من الحروب والنزاعات بشكل متواصل، الحرب العراقية الإيرانية و حرب الكويت كل هذا خلف آثارا كبيرة وراح إثرها آلاف المفقودين، فمن هو المفقود؟
المفقود كل من فقد صلته بذويه لأي سبب كان و تقطعت به السبل للتواصل مع أهله أو لم يعرف عنه شيئ او فقد مصيره ولا يعرف عنه أنه ميت او حي.
ولو أمعنا النظر الى تاريخ العراق، خاصة بعد تولي النظام البعثي الحكم في العراق في ستينات القرن الماضي، نرى فئات كثيرة من أبناء شعبنا الكردي فقدوا في إطار السياسات التعسفية التي مارسها النظام ضد الشعب الكردي المسالم .
شمل المفقودين من الذين زجوا في سجون النظام او الذين غابوا بسبب الحروب والنزاعات او سياسات الإبادة الجماعية في عمليات الأنفال وإبادة البارزايين والكورد الفيليين والأطفال الذين افترقوا عن أسرهم أثناء هروبهم من القصف الكيمياوي سنة 1988، او المؤنفلين الذين غيبوا في إطار سياسات الإبادة الجماعية.
على هامش الذكرى السنوية لليوم العالمي للمفقودين ، من المهم أن نذكر أن الحروب وإن صارت من الماضي ولكن لا يزال أثرها واقعًا ملموسا بالنسبة لعائلات المفقودين. وحددت المنظمات الدولية خاصة الصليب الاحمر الدولي واللجنة الدولية للمفقودين عدد العراقيين المفقودين بين 250000 الى مليون شخص، فقدوا خلال النزاعات والعنف الممتد لعشرات السنين والمتواصل إلى يومنا هذا. حيث كل عائلة بالعراق لها قصة عن شخص قريب مفقود، وبغية حل الإشكالات القانونية والاجتماعية التي تترتب بسبب فقدان شخص ما و حل الإشكاليات المترتبة من فقدان أشخاص في إطار عدد من القوانين أبرزها القانون رقم 40 لسنة 1951 ، المادة 36 حيث عرفت المفقود بأنه من غاب عن أسرته حيث لا يعرف إن كان حيا أم ميتا، والقانون رقم 58 لسنة 1980 الغائب الذي انقطعت أخباره ولا يعرف حياته من مماته ويعتبر المفقود حيا إلى أن تثبت وفاته.
في إقليم كردستان بإمكاننا الاستناد على القوانين الصادرة في تصنيف المفقودين، حيث أشار القانون رقم 3 لسنة 1999 الصادر من البرلمان الكردستاني إلى أن المفقودين خلال حملة التهجير والترحيل القسري للكورد الفيليين من قبل النظام البعثي من سنة 1980 والشباب الفيليين الذين فقد أثرهم في السجون العراقية، ويقال إن النظام جرب عليهم المواد الكمياوية و مئات الآخرين الذين لازالوا في عداد المفقودين ومنهم من فقدوا خلال ترحيلهم الى إيران. المفقودون في حملات الإبادة الجماعية للبارزانيين خلال فترات من 1980 و 1983 و الذين فقدوا خلال ترحيلهم إلى جنوب العراق.
الأطفال الذين فقدوا أو شردوا خلال عملية قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكمياوية والذين فقدوا في هذه العملية .
المغيبون والمفقودون خلال عمليات الأنفال سيئة الصيت التي نفذت خلال 8 مراحل، فقد خلالها أكثر من 182000 ولازال مصير أكثرهم مجهول، ناهيك عن اللواتي تم بيعهن لشيوخ العشائر والدول الخليجية وهن مفقودات الآثر حتى الآن، والمفقودون خلال انتفاضة آذار المجيدة سنة 1991 والهجرة المليونية التي تلتها
ولازال مصير أكثر من 2800 من الإزيديات التي وقعن بيد الجماعة الاسلامية المسماة داعش مجولا، ناهيك عن 55 من أفراد البشمركة الذين يعتبرون مفقودي الأثر ،حيث لم يتم الكشف عن مصيرهم حتى الان.
ويبقى عدد كبير من الشباب الكورد الذين سلكوا طريق الموت للوصول إلى أوربا وفقدوا في مياه إيجة و الجزر اليونانية والغابات في عداد المفقودين، لم يقتصر تأثير موضوع الفقد على الضحايا فحسب بل تعدى ذلك إلى عوائل و أقاربهم، فهم في ترقب دائم لعودة مفقوديهم.