كتابة : لطيف نيرويي
ترجمة : نرمين عثمان محمد

(5)
بالنسبة لأيّ سياسيّ وقائد، فإنّ الوفاء بالوعود والالتزام بالمبادئ العامة للخطاب السياسي هو أهمّ من أيّ أمر آخر.
يُعَدّ الرئيس بافل طالباني أحد الشخصيات السياسية التي ترسم مواقفها وفق خط عامّ ثابت ينبع من قناعة راسخة لا تتبدّل، وهذه ميزة قوية تميّزه عن كثير من القادة في المشهد السياسي الكردستاني. وقد أكّد خطابه الأخير في مهرجان كركوك هذه الحقيقة مجددًا.
وحين ننظر بعمق إلى رؤية أيّ سياسيّ، لا يجوز أن نحصر تقييمنا له في سياقٍ زمني واحد، بل علينا أن نربط الأزمنة ببعضها لنحصل على الصورة الحقيقية الكاملة.
فالرسالة التي وجّهها الرئيس في كركوك كانت شبيهة في مضمونها برسالته التي ألقاها في المدينة ذاتها قبل عامين؛ كلتاهما عبّرتا عن القيم السامية والثابتة التي تحوّلت في خطابه إلى حقيقة تاريخية واضحة. وهذه هي النقطة التي تميّزه عن القوى السياسية الأخرى التي تفتقر مواقفها إلى الواقعية، وتنغلق في دوائر ضيقة لا تخرج منها.
فلنتمعّن قليلاً في مضمون كلمته الأخيرة لنرى موضع الاختلاف:
-
أكّد الرئيس أنّ العقبات والعراقيل التي وُضعت في طريق الاتحاد الوطني الكردستاني من أجل استعادة محافظة كركوك كانت جسيمة، لكنّ في النتيجة فإن الإرادة المشتركة لأبناء الاتحاد الوطني الكردستاني وأهالي كركوك تغلّبت عليها في النهاية. ومع ذلك، فإنّ هناك من يملكون أصواتاً قليلة ً وتأثيراً قليلاً في كركوك ، وعلى الرغم من أنّهم لم يكونوا جزءًا من عملية استعادة المدينة، إلا أنّهم ما زالوا يسعون إلى هدم ما بُني وإفشال جميع الجهود المبذولة في المدينة والسؤال المطروح هناهو : ممن سيستعيدون كركوك؟ ولمن سيمنحونها ؟ لا سيّما في وقتٍ أُقصى فيه حلفاؤهم عن العملية السياسية بقوة القانون.
-
أثبت الرئيس بأنه ُ كما كان الاتحاد الوطني الكردستاني هو صاحب الدور الأساس في ترسيخ المادة 140 ضمن الدستور الدائم للعراق، فإن التطبيقٍ الحقيقي لهذا الترسيخ سيكون الهم الأكبر للإتحاد الوطني الكردستاني أيضا ًولكن سينفذ هذا الهم بالروحٍ الديمقراطيةٍ والنضالٍ المدني لا بالعنف أو بالتهديدات أو بإستخدام أوراق ٍوعلاقاتٍ مشبوهةٍ تهدّد استقرار كركوك.
-
كما أوضح مهرجان الاتحاد الوطني الجماهيري في المدينة، وثُقل ِعدد مقاعده وأصواتهِ، أربك خصومه الذين يحاولون بشتى الطرق زرع التفرقة بين الشعب والاتحاد الوطني الكردستاني ، إلا أنّ السياسة الحكيمة التي يتّبعها الاتحاد الوطني الكردستاني ورئيسه، وسيرهم على نهج الرئيس الراحل مام جلال، أبطلت مفعول كل تلك المساعي.
-
وأكّد الاتحاد أنّهُ كما تمثّل بغداد العمق الاستراتيجي لنضال الكرد، فإنَ كركوك تمثل العمق الإستراتيجي لنضالهم القومي ، وهو يعبر عن ذلك بخطاب غير متسم بروح الحقد أو الثأر، بل بمنطق العقلانية الديمقراطية وروح التعايش التي تميّز نهج الاتحاد الوطني الكردستاني، برفع لواء ها منذ البداية .

