مع كل انتخابات لمجلس النواب العراقي، تعود مسألة الدستور إلى الواجهة ضمن الحملات الانتخابية. وبين الدعوات لتعديله أو التأكيد على تطبيقه، تبقى القضية كما في السنوات الماضية مستمرة دون تعديل فعلي أو تنفيذ كامل لجميع بنوده، وفي هذا التحقيق نحاول معرفة كيف تُرى مسألة الدستور: ماذا يعني تعديله؟ ماذا يتغير في الواقع؟ وما الفائدة من تطبيقه الكامل؟
خرق الدستور
ترى الدكتورة جوان إحسان، عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني، أن بعض الأطراف العراقية التي تطرح تعديل الدستور تستخدمه لأغراض ومصالحها الخاصة، وتقول: “نحن ككورد، كنا جزءا أساسيا من بناء العراق الجديد وصياغة دستوره، ونعتبر أنفسنا أصحاب هذا الدستور، لذلك نطالب بتطبيق جميع مواده، خصوصا المادة 140، لأنها مادة مصيرية لشعبنا، وتتعلق بالمناطق المتنازع عليها، لذا يصر الكورد دائما على تنفيذها كما وردت”.
وأضافت أن”الرئيس مام جلال كان له دور محوري في بناء سياسة الحوار بين الأطراف العراقية والعربية، إذ أرسى أسلوبا جديدا في السياسة العراقية لم يكن موجودا من قبل. واليوم، يتبع الرئيس بافل النهج ذاته، ويسعى لبناء علاقات متوازنة تمكّن الكورد من ضمان حقوقهم الدستورية والدفاع عن قضيتهم”.
وبينت انه “رأينا خلال الفترة الماضية كيف تمكن الرئيس بافل من حلّ الكثير من الخلافات بين بغداد وأربيل، وكيف استفاد إقليم كوردستان من علاقات الاتحاد الوطني التاريخية والسياسية مع بغداد”.
وتضيف: “مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العراقية، يجب على مرشحي الاتحاد الوطني ضمن القائمة (222) أن يستمروا على ذات النهج المتوازن والحكيم الذي أرساه الرئيس مام جلال، لأنه الطريق لضمان حقوق الشعب الكوردي. فالمجلس النيابي القادم سيواجه تحديات كبيرة، منها قانون الموازنة الاتحادية الجديدة، ويجب أن يتعامل معها بحكمة وبالاستناد إلى فلسفة الاتحاد الوطني في إدارة الحكم وبناء التوازنات السياسية”.
ضرورة وحدة الصف الكوردي
تؤكد الدكتورة جوان إحسان: “لكي نتمكن من تطبيق الدستور، يجب أن يكون الكورد موحدين، وهذا لا يجب أن يبقى شعارا فقط، فرغم الخلافات السياسية في الإقليم، علينا في بغداد أن نكون موحدين في الموقف والقرار السياسي والبرلماني، لأن ذلك وحده يضمن حقوقنا. إن تفرّق القوى الكوردية في بغداد يُضعف موقفنا، ويؤدي إلى تكرار تعطيل المادة 140 وإهمال بنود الدستور”.
واشارت إلى أن: “الحكمة والدبلوماسية ووحدة الموقف هي الطريق الأمثل لاستعادة حقوق الكورد الدستورية”.
الدستور العراقي والنظام الاتحادي
يقول الدكتور إسماعيل نجم الدين زنكنه، أستاذ الجامعي والباحث القانوني في تصريح لجريدة كوردستاني نوى: أن دستور عام 2005 أقرّ النظام الاتحادي، لكن تطبيقه كان ناقصا، فالعراق يحتوي فعليا على فيدرالية واحدة فقط هي إقليم كوردستان، بينما لم تُنشأ أي أقاليم أخرى، ما أدى إلى خلل في التوازن الدستوري”.
واشار إلى أن “بعض المواد الدستورية المتعلقة بتوزيع الصلاحيات بين الحكومة الاتحادية والأقاليم طُبّقت جزئيا، بينما بقيت مواد أخرى، خصوصا المتعلقة بحقوق الإقليم، معلّقة حتى اليوم، ما تسبب بخلافات سياسية وقانونية متكررة”.
وأضاف “الدستور نفسه يسمح بإنشاء أقاليم جديدة، لكن هذا لم يُنفّذ، رغم محاولات محدودة في البصرة وغيرها، كما أن التوازن السياسي الذي كان قائما أثناء كتابة الدستور لم يعد موجودا اليوم”.
جهود الاتحاد الوطني
ويؤكد الدكتور إسماعيل نجم الدين زنكنه أن “الاتحاد الوطني الكوردستاني بقيادة الرئيس بافل طالباني لعب دورا فاعلا في تعزيز الحوار مع بغداد” مشيرا الى انه “رغم فترات التوتر، إلا أن الخطوات الأخيرة كانت إيجابية ومبنية على التفاهم والتنسيق، سواء داخل البرلمان أو عبر المفاوضات السياسية المباشرة، كما حصل في الاتفاق المالي بين أربيل وبغداد بخصوص العائدات النفطية والرواتب”.
واضاف أن “الاتحاد الوطني يسعى إلى أن تكون هذه التفاهمات مقدمة لحلول أوسع ضمن الإطار الدستوري، خصوصا لتطبيق المواد التي تخص الإقليم مثل المادة 140 والمادة 112 الخاصة بالنفط والغاز”.
الدستور العراقي.. دستور جامد

