الكاتب.. حمزة مصطفى
مثلما ان السياقة ” فن وذوق واخلاق” وهو الشعار الذي ترفعه دوائر المرور، فإن ” السياسة فن الممكن” وهو الشعار الذي ترفعه كل اكاديميات السياسة في العالم، وفي نفس الوقت يتعامل معه الساسة المحترفون. كل السياسيين الذين نجحوا في ميدان الممارسة السياسية انما كان رائدهم في العمل السياسي هو المرونة حيث يتطلب الموقف ذلك والشدة حين تسمح الظروف والوقائع. وعلى وفق ماهو منسوب الى معاوية ابن أبي سفيان القائل ” لو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، اذا ارخوا شددت واذا شدوا ارخيت” يعمد الكثير من دهاة السياسيين في العالم الى اتباع هذا الأسلوب في التعامل مع ما يواجهونه من تحديات سياسية. شعرة معاوية التي ذهبت مثلا هي تجسيد لمرونة لابد منها في اي عمل سياسي. للأسف الامر شديد الاختلاف في العراق. الطبقة السياسية العراقية كلها تقريبا تعجز عن مواجهة مايواجهها من أزمات سياسية بالدرجة الاولى. التحديات الاخرى مثل الاقتصاد والامن والمياه والجفاف والتصحر وسواها من تحديات تقام من أجلها المنظمات والاتحادات وتعقد في سبيل البحث عن حلول وقتية او مستدامة لها القمم والمؤتمرات انما هي خارج منظومة التفكير السياسي عند طبقتنا السياسية. العجز في الميزانية يعالج في الغالب بسحب احتياطي العملة في البنك المركزي. وحين ترتفع اسعار النفط ويرتفع الفائض النقدي يكون مدعاة للراحة لأننا تمكنا من تأمين الرواتب لسنة او اكثر. اما قصة المياه والجفاف والتصحر فهذه لاتزال في عرف طبقتنا السياسية من النوافل لا أكثر.
شغل سياسيينا الشاغل هو السياسة فقط. ليس لديهم سوى السياسة. الانتخابات سياسة. تبليط الطرق سياسة. إصلاح خسفة في الشارع سياسة. تعيين امين للعاصمة او مدير لإحدى البلديات سياسة. تبادل التهاني في العيد سياسة. بل حتى جمعة مباركة سياسة. بل تكاد تكون الأخيرة سياسة السياسات.فمن ترسل له جمعة مباركة تعني له انك منفتح على الآخر. واذا ارسل زعيم لزعيم جمعة مباركة فإن هذا يعني لجمهور الزعيم الواقعي والالكتروني احد مفاتيح الازمة واول بداية جادة لحل الانسداد السياسي.
لماذا؟ خوش سؤال وفي وقته تماما. الجواب يا طويلي العمر أن السياسة عندنا بخلاف كل الدنيا فن المستحيل. نحن نمارس السياسة حتى ” نبز” الطرف الآخر. الآخر وليس الثالث، احذروا التقليد، لان الطرف الثالث هو الذي ” يبزنا” دائما وابدا. نحن لا نمارس السياسة من أجل البلاد بل من أجل نلعن ” سلفا سلفا” اهل البلاد. نحن لا نمارس السياسة من أجل العباد لقناعتنا ان العباد لاهم لهم سوى لعن ” سلفا سلفانا” في صلاتهم ودعائهم وتسبيحاتهم. الفرق بيننا وبين سياسيي العالم ان السياسي فيهم يبدا متمرنا حتى يحترف لكي يقال عنه كيسنجر زمانه، بينما نحن كيسنجر عندنا بكامل احترافيته يبدا بالهبوط من التل نيابة عن البعير الى ان يصبح سياسي لا يشق له .. صخام.