بقلم: ستران عبد الله
ترجمة: نرمين عثمان محمد
غصو أنظاركم عن التمييز بين المدن والمناطق في هذا الملف، يبدو المشهد وكأنه ملفّ موضوع في كيسٍ شفاف، كل ما فيه واضح للعيان. غير أن العيب والعار الأكبر يكمن في أن المشاريع التي نفذوها في مناطقهم المفضّلة، يسجلونها باسم المنطقة أو اللواء وباللون الأصفر، لا باسم الحكومة الرسمية، وكأن حكومة الإقليم هي التي أنجزتها، بينما هي في الحقيقة مكاسب حزبية صرفة ملفوفة بلون الحزب الأصفر تحت وهج الحملات الانتخابية.
الاختلاف بين المناطق بلغ حداً صارخاً، حتى إنهم نسوا أنه بعد 11/11/2025 سيُطلب منهم إعادة سنوية و ملكية تلك المشاريع إلى اسم حكومة الإقليم. وربما لا يعلمون أن هناك مشاريع في دهوك وأربيل قد وُقّعت بأسماء مدراء عامين من الاتحاد الوطني الكردستاني أو مقربين منه، ثم طُرحت للتنفيذ.
اليوم تدار حملة إنتخابية ، فكل ما يُقام وكل ما يُنفَّذ هو تحت راية الحزب، وكل ما يُنجز يُختم بختم حزبي. فالحكومة القائمة ليست حكومة ائتلافية كما يزعمون في أغانيهم وشعاراتهم الوطنية اليومية.
إن خطاب الحزب الديمقراطي الكردستاني وحملته الانتخابية غارقان في مستنقع الحزبية الضيقة. وباعترافهم فإنه بعد منطقة دێگەڵە ، ليست هناك عاصمة حقيقية ولا قنصليات ولا أثراً لهيبة الحكومة، بل كل شيء بيد الحزب. فالحزب الديمقراطي الكردستاني هو من يقرر، وهو من ينفذ المشاريع ، وحكومة الإقليم ليست سوى اسمٍ تابع للحزب الديمقراطي الكردستاني . الحكومة، من وجهة نظر الحزب الديمقراطي الكردستاني ، ليست سوى مؤسسة خاوٍيةُ، يرد ذكرها في الكتيبات السنوية والكتابات الأرشيفية فقط.
في وجهة نظر الحزب الديمقراطي الكردستاني الحكومة ليست حكومة تنفيذية ولاتمتلك وزارات سبعة ذات منافذ خاصة بها ،بل الحكومة عبارة عن الحزب الديمقراطي الكردستاني لوحده فقط وقد خلت الساحة من المؤسسات الحكومية الرسمية .
المسألة ليست أن بلديات أربيل ودهوك تعمل بجد بينما بلديات السليمانية وحلبجة وگەرمیان و ڕاپەڕین مقصرين و كسالى أو أقل نشاطاً، بل الحقيقة أن الحزب الديمقراطي الكردستاني هو من ينفذ ما يريد، وما لا يقرره الحزب لا يُنفّذ. أي أن المدينةبلا والٍ ولا إدارة، والطرق الرسمية للحكومة خالية من إي عابر سبيل آخر.
إذن، فهذه هي بالضبط ملاحظات الاتحاد الوطني الكردستاني بشأن الحكومة المفرغة التي أحكم الحزب الديمقراطي الكردستاني قبضته عليها، وهذه هي مخاوفه الحقيقية والمشروعة. فالقضية لا تتعلق فقط بعدم وجود شراكة أو توازن، بل بتغييب العدالة السياسية وسلب حق المشاركة الكامل.
في الواقع، إن خطاب وحملة الحزب الديمقراطي الكردستاني نفسهما يؤكدان صحة ما يقوله الاتحاد الوطني الكردستاني ، حين يشيران إلى أن السلطة في هذا الإقليم محتكرة، وأن حكم الحزب الديمقراطي الكردستاني يتسم بالتمييز وانعدام العدالة حتى في أبسط التعاملات اليوميةفي منطقة مابعد دێگەڵە .
اليوم، يسعى الاتحاد الوطني الكردستاني إلى كسر هذا الاحتكار الذي يتباهى به الحزب علناً في تصرفات قياداته وصورهم.
إن استخدام منجزات الحكومة ومشاريع الخدمات والإعمار كسلعة انتخابية رخيصة للبقاء في السلطة الحزبية، وممارستها ضد الشركاء في ذات الحكومة، هوبحد ذاته دليل واضح على احتكار السلطة ومنع الشراكة الحقيقية، لا مجرد عدم إيمان ٍ بتداولها.
ناهيك عن إن هؤلاء في الحزب الديمقراطي الكردستاني لا يؤمنون بتداول السلطة أصلاً،بل لا يقبلون حتى بالشراكة، لأنهم يريدون أن يحتكروا كل شيء باسمهم وحدهم.