كتابة: لطيف نيروه يي
ترجمة:نرمين عثمان محمد/ عن صحيفة كوردستاني نوى
في الخلاصة وباللغة المباشرة، يوجه الحزب الديمقراطي الكردستاني أصابِعَ الاتهام للاتحاد الوطني الكردستاني ويقول : إن الاتحاد يمنع تشكيل الكابينة الجديدة، من دون أن يبيّن لماذا يفعل الاتحاد ذلك أصلاً. فما هي تلك الأسباب التي تجعل الاتحاد لا يرضخ للقبول بكابينة حكومية جديدة؟
– هل يعارض الاتحاد الوطني الكردستاني تشكيل أي كابينة حكومية؟ أم أنه يعارض نموذج الحكم القائم حالياً في الإقليم، وهو نموذج أثبت فشله، ولا يرغب الاتحادالوطني الكردستاني في تكرار التجربة ذاتها في الإقليم ، لأنها كانت منبع الأزمات والمشكلات المتعددة في إقليم كردستان، ومنبعاً للتفكير الإقصائي واللامساواة والمناطقية والعشائرية في إقليمِ كردستان ، كما كانت منبعاً لتحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات حزبية، وإستخدامُ كل شيء لخدمة الأجندة الحزبية؟
وبسبب هذا النموذج من الحكم ، باتت أربيل الآن أقرب إلى عاصمة حزب سياسي، فيما ترى الأطراف الأخرى نفسها، رغم كونها مكوّنات أساسية، مجرد ضيوف في مدينتهم وعاصمتهم.
السؤال المهم هوَ: أي منفعة قدم هذا النموذج من الحكم لإقليم كردستان؟ هل خدم سكان الإقليم؟ هل عزز الاستقرار، والوحدة، وقوة مؤسسات الإقليم؟
في أي مكانِ في هذا العالم الواسِعِ والعريض ، هناك حكومة مشابهة لحكومة أقليمِنا ، في دولة متعددة الأحزاب والبرلمان تدار عاصمتها وتثبَتُ باسم طرف سياسي واحد؟ بينما تُدار بعض المحافظات وفق مبدأ اللامركزية والمشاركة، بحيث يشترك كل طرف بحسب وزنه الانتخابي في تلك الإدارة؟
إلى متى سيظل الحزب الديمقراطي يمنع أي طرف سياسي آخر من المشاركة في الإدارات المحلية لمحافظتي أربيل ودهوك؟ وما سبب احتكار السلطة المحلية على هذا النحو؟
وفي أي حكومة تعتمد على التعددية وقاعدة الشراكة الواسعةوسياستها مماثِلة لسياسة ونهج الإقليم ، نجد أن طرفاً سياسياً يعتبر كل منجزات الحكومة ملكاً خاصاً له، ويستخدم سلطاته الحزبية والحكومية ضد شركائه، ويعمل على إقصائهم وتَشويهِهم؟
وفي أي دولة في العالم تميّز الحكومة بشكل علني بين المُدُنِ والأَقضيَةِ، وتحرم بعض المناطق من المشاريع الخدمية؟
عندما نجد جواباً لكل هذه الأسئلة، يظهر سؤال آخر: هل جلب هذا النموذج من الحكم أي فائدة للإقليم أم لم يأتِ سوى بالضرر؟ والجواب بكل تأكيد: كلا،وهذا هوَ تحديداً سبب رفض الاتحادالوَطَني الكردستاني لتشكيل الكابينة الجديدة ومنح الشرعية لتكرار نفس التجربة الفاشلة السابِقة.
الاتحادالوطني الكردستاني يرى أن حكومة الإقليم ليست ملكاً لطرف واحد لكي يديرها وفق رغباته ومصالحه وضد منافسيه، بل هي ثمرة نضال طويل لشعب كردستان، ونتاج دماء الشهداء الذين ما زال بعض ذويهم، حتى اليوم، بلا تعويض أو مسكن في ظلِ هذا النموذج من الحكم.
هذه الحكومة هي حصيلة تضحيات قوات البيشمركة. هؤلاء الذين، بعد 34 عاماً على تحرير الإقليم، ما زال بعضهم بلا قطعة أرض أو مسكن، بسبب اختلاف الآراء والإِتجاهات الحزبية. لذلك ينبغي للحزب الديمقراطي الكردستاني أن يدرك حقيقة أن نتائج الانتخابات الأخيرة لبرلمان كردستان أحدثت تغييراً واضحاً في المعادلة، وأنه لم يعد ممكناً له، كما كان في السابق، أن يمرر كل شيء بالأغلبية البسيطة (50+1) ويفرض إرادته منفرداً.
كما عليه أن يفهم أن زمن احتكار المناصب السيادية والحساسة لنفسه قد انتهى، مثل (منصب رئاسة الإقليم، رئاسة مجلس الوزراء، وزارة الداخلية، وزارة الموارد الطبيعية، رئاسة مجلس القضاء، مكتب العلاقات الخارجية، ديوان الرقابة، وغيرها، التي يتعامل معها كما لو كانت ملكية خاصة لا يحق لأي طرف آخر الاقتراب منها.
وعليه أيضاً أن يدرك أن الاتحادالوطني الكردستاني لن يشارك في أي حكومة ما لم يكن شريكاً حقيقياً فيها.
كما يجب أن يفهموا أن أحد أسباب فشل الحكم في الإقليم هو هذا النموذج الذي يصرون على فرضه، وأن الاتحاد الوطني الكردستاني لن يتحمل مجدداً مسؤولية الرضوخ تحت هذا العبء.
و يجب أن يدركوا أيضاً أن المناصب ليست ملكاً للحزب الديمقراطي الكردستاني كي يقرر منح بعضها للاتحاد الوطني الكردستاني أو يمنع بعضها عنه.
وينبغي لهم الكف عن التهديد بفرض حكومة أحادية، لأنهم لو كانوا قادرين على ذلك لفعلوها منذ مدة وشكلوا كابينة موحدة خاصة بهم.
كما يجب أن يستوعبوا أن الاتحاد لن يدخل حكومة توجد فيها حكومة ظل، أو وزراء بدلاء لكل وزير،وبالتالي فإن سبب تأخر تشكيل الكابينة الجديدة ليس الاتحادالوطني الكردستاني ، بل طريقة تفكير الحزب الديمقراطي الكردستاني في الحكم، ومحاولاته وتهديداتِهِ لإعادة إنتاج النموذج ذاته والعقليةِ ذاتَها والسياسات نَفسَها ، وتقع في خانة المحاولة لرسم خارطة حدود الإدارتين وتعميق الواقع الإداري المزدوج في الإقليم. وهنا يكون العبء بالكامل على الطرف الذي يرفض الشراكة الحقيقية.