قراءة لكتاب أسمى مراتب الشرف من تأليف كوندوليزا رايس،
د. ژینۆعبد الله
إن كتاب (أسمى مراتب الشرف) لكوندوليزا رايس، بترجمة وليد شحادة، صدر عن دار الكتاب العربي.
قراءة هذا الكتاب تؤدي إلى حقيقة مفادها إن ما آل إليه العراق شيء طبيعي بعد احتلاله في نيسان 2003، وما تبعه من عدم الاستقرار والإنهيار الأمني والاختلاف والتفرقة بين المتخاصمين السياسيين وصعوبة الوصول إلی التوافق والإجماع. فها هي (کوندولیزا رايس) الكاتبة تقر أن نشر الحرية والديمقراطية لم يكن غاية بلادها أثناء اجتياح العراق إنما إسقاط النظام البعثي (1968 – 2003)، لأن هذا ليس من شأن وعمل أمريكا حسب قولها بل أن الأمر يتناقض تماماً مع ما دعا إليه (جورج بوش) الابن والذي بوصفه رئيس الولایات المتحدة الأمریکیة کان رئيساً لـ(رایس) نفسها أیضاً.
فقد أشارت رایس إلی أنه عندما كانت تشغل منصبها کمستشارة للأمن القومي للإدارة الأمریکیة، قامت بالضغط وبشدة على الرئيس بوش في سبیل المضي قدماً نحو إسقاط النظام العراقي السابق برئاسة (صدام حسين). وفي هذا الصدد ذکرت رایس في کتابها، أنه بعد الضغط الدولي لعدم التدخل العسكري قالت بالحرف الواحد للرئيس إنه لابد أن تهاجم أمریکا العراق وتسقط نظام صدام في سبیل الإبقاء علی مکانة بلدها کقوة عظمی لقيادة العالم ولرفع معنويات جنودها، وأن لا تبالي واشنطن بالشرعية الدولية.
وفي معرض حديثها عمّا سبق الحرب التي شنتها أمریکا تحت اسم (عملیة تحریر العراق) في آذار/مارس 2003، تعترف رایس بأن وكالة المخابرات المرکزیة (CIA) الأمریکیة بقيادة “جورج تنت” المدیر الأسبق للوكالة، کان له دور بارز في تضليل إدارة البیت الأبیض بزعم وجود أسلحة جرثومية وكيمياوية وحتی الوصول إلی المراحل الأولیة لتصنیع قنبلة نووية.
وتستطرد قائلة بأن الصراع الذي اشتد في بدایات غزو العراق بين وزارة الدفاع – البنتاغون ووزارة الخارجية علی ملف العراق، أدى إلى نتائج كارثية علی العراق الذي لازال یرزح تحت وطأة تلك الحرب والصراعات الداخلية التي واكبتها بین أقطاب السلطة وأصحاب القرار في بلد العم السام، فضلاً عن قولها بأنه عقب بدء العمليات القتالية ضد قوات الاحتلال الدولي بقيادة الجیش الأمريكي وعلی وجه الخصوص الهجمات ضد الجنود الأمریکان وکذلك الضغوط الدولية على إدارة الرئيس بوش، كادت الأمور أن تخرج عن السيطرة، وأن تصبح زمام الأمور بيد المتطرفين والإرهابيين على حد تعبيرها.
تصور لنا (رايس) صورة مأساوية قاتمة لما تسمّي بقادة العراق الجدد، حيث تقر بأن أغلبهم ليسوا من ذوي الخبرة والتأييد الجماهيري، ولا يمكنهم إدارة شؤون عائلاتهم إلا أنهم أمسوا قادة للعراق الجديد! وفي هذا السیاق ذکرت (نوري المالكي) و(إبراهيم الجعفري) كمثالينِ، حيث وصفت الأول بالشخصية الطائفية بأتم ما للكلمة من معنی، وهو لا يستطيع أن يدیر الدولة، في حین أن الثاني حسب رأيها شخص متوهم وخيالي التفکیر وكثير الكلام وعنده عقدة أدت به إلی التفلسف ولا يعرف أي شيء سوی السفسطة.
إن الكتاب المعنون ” أسمی مراتب الشرف ” للدكتورة کوندولیزا رایس التي کانت مستشارة الأمن القومي ووزیرة الخارجية الأمریکیة في الفترتين الأولى والثانية علی التوالي من رئاسة جورج دبلیو بوش في البیت الأبیض، یٶدي بالقاریء إلی الشعور بالغضب والأسی في الوقت نفسه، ويخلص القارئ أمريكا الدولة المهيمنة والمتنفذة کانت في أدنی مراتبها من حیث التخطيط وتحديد المسار والأهداف بصورة جلیة بعد سقوط النظام وتركت الشعب العراقي لوحده کما یترك راعي الشاة بین الذئاب.