قوباد طالباني
اعتقلنا متهما بقتل وتعنيف النساء، بعد الجهود المضنية لقوات الأمن ودعم المواطنين والإعلام الحريص، بيد أننا عدنا إلى نقطة الصفر بقرار من المحكمة.
منذ مدة وأنا اجتمع مع الوزارات والجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية، لبحث ظواهر ازدياد حوادث العنف ضد النساء والأسرة وقتلهم (على يد الرجال الذين يرون أن شرفهم سقط، لكنهم أساسا لم يملكوا شرفا).
جميع الذين اجتمعتُ معهم يقولون ماهو حسن ومفيد، لكنهم يقولون أيضا: هذه الظاهرة لن تجتث بالكلام فحسب.
والأفعال عبارة عن القوانين والتعليمات والإجراءات والمتابعات، وتوعيات والعمل التضامني العام، ماذكرته وآليات أخرى عليهم العمل كفريق أوركسترا، فلو لم يؤد أحدهم دوره فستخرب الموسيقى، والكلام هذا ينطبق أيضا على مؤسسات الحكومة والجهات ذات الصلة الأخرى، لاسيما في مناهضة العنف ضد المرأة والأسرة، فإما أن يعملوا معا أو لم يصيبوا الهدف. إن لم ينهض أحد أعضاء هذا الأوركسترا بمهامه، أو أبدى تقصيرا فيه، فسيتولد فراغ ينتهي بنا إلى الفشل.
لقد اشتطتُ غضبا حين سمعت بإطلاق سراح متهم بقتل إبنتيه وفقا لحجج ضعيفة تحت ذريعة عدم كفاية الأدلة”، متسائلا بالقول: “أي رسالة سيبعث هذا لعديمي الشرف الذين يقتلون النساء، سيقول لهم: إن قتلتَ ابنتك فقل ليس أنا من قتلها، بل ابني الصغير، بعدها سيطلق سراحه. حينها تكونُ قد بعثتَ بابنك ألى خائن عتيق بعيدا عن أيدي القوات الأمنية ومؤسسات الدولة.
اتأسف لأن لازال لدينا قضاة مقصرين في التعامل مع قضايا العنف ضد المرأة. أقول لهم: لابد أن يأتي يوم يظهر فيه ذلك العديم الشرف الذي قتل ابنتك.
أتوجه للقتلة؛ واثق بأنك وعلى اعتبارك أب، ستضطر في كل ليلة تذهب فيه لتخلد إلى النوم وتبتعد عن مجلسك وعن الذين يحفزونك على الإقدام على اللاشرف هذا، ستضطر إلى أن تعيد لأذهانك الأيام التي كنت تحضن فيها بناتك الأعزاء، وأنت تنظر إلى ابتساماتهن تحسب أن الدنيا وما فيها ملك لك.
وإني على يقين بأن أخر مشهد يتبادر إلى ذهنك هو وجوه فلذات أكبادك المضرجة الذين تقتلونهم جراء لاشرفكم أنتم أو أبنائكم.
أعلم أنك ستكون وحيدا، وضميرك سيخبرك؛ لستَ باسلا ولانجيبا، لم تحفظ كرامة أسرتك ولا شرفها (لأنك لاتملك الشرف أصلا)، واثق بأنك ستنظر إلى نفسك بنفس العين التي ينظر بها إليك الله تعالى، ستنظر إليك كقاتل، كمجرم، كعديم الشرف.
إن هذه الحرب التي بدأناها تشبه لعبة الحية والدرج، تظن أنك تصعد بالدرج خطوات، تأتيك حية لتنزلك. ولكن لتعلموا، سنصعد بالدرجات ذاتها، لن نسمح للقتلة أن يسرحوا ويمرحوا بحرية. ولن أدع الناس مطلقا أن ينسوا كم هم عديمو الشرف. الله وكيلكم؛ سألاحقكم أبدا حتى لو كنتُ وحيدا.