الكاتب..مزة مصطفى
حتى قبل يومين من إجراء الانتخابات في موعدها المقرر الحادي عشر من هذا الشهر كان هناك في الداخل والخارج من يراهن على عدم إجرائها. الأسئلة التي يتم تداولها بين الناس وعلى مواقع التواصل الاجتماعي هل تجرى الانتخابات أم لا؟، ومع أنه لم يكن هناك ما يسعف طرح مثل تلك الأسئلة سوى رهانات لأطراف مختلفة درجت على وضع سيناريوهات لما تحلم به أو تتمناه، أو أن أمرا ما يمكن أن يحصل، فإن الناس كانت تشعر بالقلق حيال كمية الشائعات التي يجري ضخها عبر مختلف وسائل الإعلام وشبكات الاخبار المختلفة والسوشيال ميديا.
لكن أجريت الانتخابات في موعدها دون تأخير. وفي الوقت الذي كانت كل التوقعات تشير إلى نسب مشاركة متدنية في حال اجريت الانتخابات بقدرة قادر مثلما كان يروج مدمنو نظرية المؤامرة، فإن الذي حصل لم يخالف التوقعات فقط بل أسقط كل الرهانات التي كانت تروج لعدم إجراء الانتخابات.
فالنسبة التي أعلنت عنها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بعد إعلان النتائج كانت تزيد على الـ 56 بالمئة وهو أمر مفاجئ طبقا لكل التوقعات والأقاويل التي سبقت موعد إجراء الانتخابات. والواقع أن الوصف الذي أطلقه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على ما جرى لجهة إجراء الانتخابات في موعدها وزيادة نسبة المشاركة بطريقة لافتة إنما يعني “استعادة ثقة الشعب بالعملية السياسية” من منطلق أن السنوات الأربع الأخيرة، تميزت بمنهاج عمل تنموي وخدمي واضح المعالم، بالإضافة إلى استقرار سياسي وأمني أشادت به كبريات وسائل الإعلام العالمية التي شهدت مسار الانتخابات العراقية بنسختها السادسة.
لكن السؤال الذي يبقى مطروحا هل يكف صناع “المحتوى الكاذب”، الذي تمثل أول الأمر في عدم امكانية إجراء الانتخابات عن بث الاقاويل والشائعات حتى بعد انتهاء الانتخابات وإعلان النتائج بل، وبدء الحراك السياسي بين مختلف القوى والأطراف الفائزة لتحديد الآلية، التي سوف تتشكل بموجبها الحكومة القادمة؟، كل المؤشرات تقول إن صناع هذا المحتوى لن ينزلوا من “بغلتهم” لأنهم لا يملكون سوى هذه البضاعة التي قوامها الحط من كل شيء وكل منجز وكل استحقاق ومن جملته الاستحقاق الانتخابي الذي جرى في وقته المقرر وبمشاركة جماهيرية لافتة. لكن من باب الحرص والمسؤولية القول إنه يتوجب على القوى الفائزة في هذه الانتخابات أن لا تفكر فقط بما يمكن أن تحصل عليه من “مكاسب” لا “استحقاقات”، حيث هناك فرق واضح بين المكسب وبين الاستحقاق. فإذا كان الاستحقاق تعبير عن الحجم الانتخابي فإن المكسب يمثل في كثير من الأحيان مصادرة لهذا الحق عن طريق الالتفاف على هذا الحق أحيانا دون وجه حق.
لذلك إذا أردنا بناء تجربة ديمقراطية سليمة يتعين أولا العمل على الاحتفاظ بثقة الشعب بالعملية السياسية وثانيا اختصار مدة تشكيل الحكومة المقبلة طبقا للمدد الدستورية، ووفقا للاستحقاقات الانتخابية وليس وفقا لما يمكن أن يحصل عليه هذا الطرف أو ذاك من مكاسب ولو على حساب قواعد العمل الديمقراطي السليم.
المصدر .. صيحفة الصباح

