الكاتب.. د. عباس الغالبي
بعد ان وصل عدد الموظفين الحكوميين الكلي في العراق في وزارات ومؤسسات الدولة مليون و32 ألفا و599 موظفا بحسب وزارة التخطيط العراقية في آخر إحصائية لها ويضاف تعداد الموظفين المعلن عنه إلى ضعفين آخرين من المتقاعدين، بحيث يبلغ المجموع قرابة 6.5 مليون فرد يتلقون رواتب شهرية من الحكومة، حسبما أعلنت وزارة المالية العراقية، يشكلون 18 في المئة من مجموعة السكان، وهو الرقم الأكبر على مستوى العالم، علما أن الحكومة العراقية تصرف قرابة 40 مليار دولار سنويا على هؤلاء الموظفين، سواء كرواتب أو ميزانيات تشغيلية لأعمالهم ، وإزاء هذه الارقام والبيانات المذهلة وهي بيانات وزارتي المالية والتخطيط العراقيتين هل نحن في ضوء تخطيط استراتيجي رشيد للحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 حتى تحرص الطبقة السياسية الان على عدم التفريط بهذه العملية السياسية التي خربت البلاد والعباد ، حيث أن التوظيف العشوائي خلال السنين العجاف الماضية قد أضر بالدولة العراقية وبمسارات التنمية المستدامة والبنية الاقتصادية والمجتمعية ذلك ان التوظيف الذي درجت عليه الحكومات السابقة كان لأسباب انتخابية وحزبية وفئوية ضيقة وجرى على طريقة تهميش الكفاءات واصحاب الشهادات العليا والنوعية والعمالة الماهرة في وقت لم تكن هناك رؤى حكيمة لتفعيل دور القطاع الخاص في احتواء هذه الاعداد الكبيرة التي جرى تعيينها وتعيين الاصلح منها والذي ينسجم مع الحاجات الملحة لسوق العمل في ظل غياب رؤى اخرى لموائمة مخرجات التعليم مع حاجات سوق العمل وهو الذي درجت عليه عديد من الدول الفتية ولا اقول المتطورة لتحقيق القفزات الاقتصادية والتنموية المطلوبة وتحت سقف زمني محدد ومبرمح تتظافر فيه الخطط الاستراتيجية للقطاعات الاقتصادية والتنموية والاعمارية المختلفة مع مراعاة مطلوبة للمتغيرات الاجتماعية والديموغرافية في المجتمع .
ولذا فنحن الان إزاء مراجعات حقيقية لمسارات التوظيف الحكومي فليس من المعقول ان تستمر الحكومات أي كان شكلها ولونها السياسي في طريقة التوظيف العشوائي في ظل حالة الترهل الوظيفي الحالية في مؤسسات الدولة تقابلها ارتفاع لنسب البطالة وقبالة هذه الثنائية لابد من خطط علمية ومدروسة لامتصاص البطالة من جهة وتقليل التوظيف تلحكومي من جهة اخرى ، فليس من سبيل سوى القطاع الخاص وامكانية تفعيل دوره والاخذ بيده وتشريع حزمة من القوانين الداعمة له كقانون تقاعد القطاع الخاص فضلا عن تفعيل الاستثمار وخلق بيئة استثمارية مثلى قادرة على الاتيان بفرص عمل مختلفة من شأنها ان تحتوي العديد من العاطلين عن العمل سواء أكانوا من العمالة الماهرة ام من غير الماهرة وكذلك تفعيل دور مجلس الخدمة الاتحادي السيطرة على عملية تقنين التوظيف الحكومي ووفقا لجاجة المؤسسات والوزارات الحكومية وكذلك إعادة هيكلة موظفي الدولة ووفقا للحاجات الملحة ايضا وبهذا يمكن لنا ان نوقف النزيف المستمر لخزينة الدولة تسغيليا والاتجاه نحو الموازنة الاستثمارية.
نقلا عن الدستور