من أرشيف وذاكرة إحسان رشاد المفتي :-
يصادف اليوم ١٥-٩-٢٠٢٢ ذكرى وفاة السياسي والدبلوماسي الكردي المحامي
زيد أحمد عثمان المعروف بـ ( كاك زيد )
لمحات من مسيرة حياته ونشاطه السياسي :
* السياسي و المحامي الكردي (زيد أحمد عثمان) مواليد قلعة أربيل ٢٨ شباط ١٩٢٥، فهو من أسرة (ملا كجكه الأربلي) تمتد تواجدهم في أربيل وكوردستان لعدة قرون و برز منهم علماء ومثقفون وسياسون وقياديون ورجال دولة .
نشأ كاك زيد في أجواء أسرة منفتحة على الثقافة والتعليم، وجميع إخوته وأخواته تلقوا التعليم مع بداية فتح مدارس البنين والبنات فی أربيل .
أكمل كاك زيد المدرسة الابتدائية والمتوسطة في أربيل والدراسة الإعدادية في بغداد ، وكان نشاطه في حركة الشباب الكرد امتدادا لنشاط شقيقه المرحوم فيصل أحمد عثمان الذي كان عضوا في حزب هيوا الكردي و رحل وهو في عنفوان شبابه عام ١٩٤٣ ورثاه الشاعر الكردي الكبير (پیرەمێرد) بقصيدة موثرة .
سلك كاك زيد نفس درب شقيقه وانخرط مع رفاقه في النشاط السياسي الكردي والدفاع عن حقوق القومية الكوردية، و برز داخل الأوساط الكردية والعراقية و العربية .
برز كاك زيد بين رفاقه أواسط الأربعينات وجلب الانتباه، عندما وقف في أربيل وهو يطلب من الوزير العراقي بالقيام بتقديم الإصلاحيات، وألقي القبض عليه وأودع السجن .
يذكر أن والد كاك زيد شخصية كردية بارزة وهو (أحمد عثمان) وكان أول متصرف للواء أربيل (١٩٢٣-١٩٢٧) ومن ثم السليمانية وبعده عضوا لمجلس الأعيان .
وعندما تبلغ أحمد عثمان بنية السلطات العراقية إصدار مذكرة توقيف بحق نجله (زيد ) أواسط الأربعينات، أرسله إلى مصر، وكانت مدينة القاهرة نقطة انطلاقة جديدة للتعاون مع طلبة وشباب والشخصيات الكردية هناك .
وذكرتْ لي بنت محمد علي عوني مترجم كتاب شرفنامه في مصر الصحفية الكردية الراحلة التي لقبت في مصر بأم الأكراد (درية عونى) خلال زيارتي لهم في القاهرة ٢٠٠٩ بأن كاك زيد كان ياتي كل يوم جمعة لزيارة والدها وكان منشغلا بطبع كتابه (نضال الأكراد) الذي نشره هناك تحت اسم مستعار وهو (محمد شيرزاد)، واتذكر بأني رايتُ في بيت كاك زيد في نهاية الستينات عشرات النسخ من هذا الكتاب، إلى جانب كتب أخرى .
يبدو أن معظم هذه الكتب أُحرقتْ خوفا من السلطات وخاصة عندما علموا بنية دائرة أمن أربيل بترحيلهم إلى مناطق خاضعة لقوات البيشمركة بعد اندلاع الإقتتال مع الحركة الكردية سنة ١٩٧٤ .
عاد كاك زيد إلى بغداد قادما من القاهرة في أربعينيات القرن المنصرم وأكمل كلية الحقوق في بغداد و برز خلال فترة قصيرة كشخصية كوردية سياسية في الساحة الكردية، وذات علاقات كوردية وعربية نشطة مع السياسين الكرد والعرب والأجانب وروابط صداقة مع شخصيات كوردية مثقفة ونشطاء في الحركة الكردية، من ضمنهم الزعيمان الكرديان مصطفى البارزاني و جلال الطالباني، وكان تواجده بين أربيل وبغداد .
وفي صورة نادرة لوفذ أربيل في بغداد ١٩٥٠ يبدو كاك زيد الشاب الوحيد بين وفد أربيل الذى توجه لبغداد للاشتراك في مراسيم عزاء وفاة الملكة عالية والدة ملك العراق الملك فيصل الثاني، المتوفاة في الجمعة الـ 22 كانون الاول 1950، وتضمن الوفد أبرز شخصيات لواء أربيل ومن ضمنهم المرحوم الشيخ مصطفى النقشبندي وكان (كاك زيد) آنذاك في مقتبل العمر وأصغرهم سنا .
كاك زيد ودوره في الوسط السياسي والثقافي ١٩٤٥ -١٩٥٨
برز دور كاك زيد خلال الخمسينات كشخصية سياسية مثقفة نشطة في مجال الدفاع عن الحقوق الكردية وقد وجه رسالة طبعت في أربيل إلى رئيس وزراء العراق يعبر عن مطاليب لواء أربيل المتمثلة بوجود نواقص والحاجة إلى إنجاز المشاريع باسم المحاميين من لواء أربيل، ونسخة من هذا الكتيب (رسالة) محفوظة في الأرشيف سوف يتم نشرها لاحقا .
كاك زيد والحركة الكردية ١٩٦١-١٩٧٥
كانت طفولتي وحتى الصف الخامس الابتدائي في قلعة أربيل، وفي أواسط الستينات ١٩٦٥ انتقلنا من القلعة وسكنا قرب بناية محافظة أربيل الحالية حيث مكتبة وديوان الوالد (ديوان المفتى)، وفي تلك الفترة توطدت العلاقة أكثر بين العائلتين بسبب القرابة والجيرة، كنت اسمع بين حين وآخر بأن كاك زيد في أربيل وأنه توجه إلى القيادة الكردية أوأراه رجع طهور كاك زيد كان أغلب الأحيان يرتبط بوجود مفاوضات بين الحكومة المركزية والحركة الكردية بقيادة الزعيم الكردي ملا مصطفى البارزاني وكان مبعث تفائل وخبر يتم تناقله بين الأهالى في أربيل .
واُعتقل كاك زيد بعد اندلاع ثورة أيلول عدة مرات، وكذلك بعد انقلاب ٨ شباط ١٩٦٣ ضد حكم عبد الكريم قاسم الذي قاد هو الآخر بدوره انقلابا ضد الملكية في العراق وسحلوا قادتها في شوارع بغداد ١٩٥٨ .
وصادف أن اُعتقل وحبس لفترة مع “أحمد حسن البكر” الرئيس العراقي للمدة بين (١٩٦٨-١٩٧٩)، في نفس الزنزانة إلى جانب معتقلين آخرين من القادة السياسين الكرد والعراقيين .
يذكر أنه في إحدى المرات أُطلق سراحه كي يشارك مع وفد البارزاني المفاوض، وأدى في المفاوضات دورا مميزا ومخلصا خلال المدة من ١٩٦٣ وحتى العام ١٩٦٨ .
وبعد فترة من استيلاء حكم البعث على دفة الحكم، انتقل كاك زيد من أربيل ليستقر في المناطق الخاضعة لسيطرة البشمركه وكان مقره وسكناه في منطقة (دربند) حيث زرناه مرتين رفقة أبي في بداية السبعينات.
وآخر لقاء جمعني بكاك زيد كان خلال فترة رجوعه للعراق بداية ١٩٧٨ في منزل شقيقه كاك محمود أحمد عثمان في منطقة الجادرية/ بغداد .
ويطول الحديث عن كاك زيد أحمد عثمان وسوف اتطرق بشكل كامل إلى بقية جوانب حياته خلال نشر هذه الحلقة بشكل مفصل في الكتاب المزمع طبعه لاحقا، وسأتطرق هناك إلى المزيد عن كاك زيد ومنه:
* كاك زيد ودفاعه عن الناشطين الكرد في المحاكم طواعية في فترة الخمسينات .
* كاك زيد كأول شخصية دبلوماسية كردية مع الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الاب لمناقشة القضية الكردية ١٩٧٢ .
* كاك زيد والاتحاد الهاشمىي وعلاقته مع الأسرة الهاشمية في الأردن .
* نص الكتيب الموجه لرئيس الوزراء لتلبية احتياجات لواء أربيل .
* كاك زيد في أقلام الكتاب والسياسيين .
* عودته للعراق ١٩٧٨ وعملية اغتياله بمواد مشعة وضعت له من قبل بارزان التكريتي ووفاته في إحدى مستشفيات باريس في الـ ١٥-٩-١٩٧٨.
بعد إعادة رفاته من باريس إلى مطار بغداد، نقل النعش في تشيع مهيب حضره معظم الشخصيات الكردية ووجهاء أربيل بقافلة طويلة متوجها إلى أربيل ودفن في مقبرة الأسرة في منطقة باداوه.
إحسان رشاد المفتي
أربيل١٥-٩-٢٠٢٢