عباس عبدالرزاق
شهد حقل خورمور النفطي مؤخرًا هجومًا أثار قلقًا واسعًا على صعيد الأمن والطاقة في إقليم كردستان والعراق عمومًا. هذه الهجمة لم تكن مجرد حادثة عابرة، بل تكشف عن هشاشة الوضع الأمني في المنطقة وأهمية التنسيق الدولي لمواجهة أي تهديدات محتملة للبنية التحتية الحيوية.
أشار مارك سافايا خلال تصريحاته الأخيرة إلى أن العمليات الأخيرة جاءت وفق أوامر مباشرة من القيادة الأمريكية العليا، وهو ما يعكس الدور المتصاعد لواشنطن في ملف الأمن والطاقة العراقي، خاصة بعد الهجمات التي استهدفت الحقول النفطية الحساسة. هذا التدخل الأمريكي، بحسب سافايا، يهدف إلى الحفاظ على استقرار الإمدادات النفطية ومنع أي تعطيل يضر بالاقتصاد الإقليمي والدولي، لكنه يفتح أيضًا باب النقاش حول مدى استقلالية السياسات المحلية العراقية في مواجهة التحديات الأمنية.
من الناحية الأمنية، أظهر الهجوم على خورمور ثغرات في الحماية الميدانية للحقول النفطية، ما دفع السلطات الإقليمية لتعزيز إجراءاتها وتكثيف التعاون مع الأجهزة الأمريكية والاستخباراتية. كما أن هذا الحادث أعاد إلى الواجهة مسألة التوازن بين القوة المحلية والدعم الخارجي، خاصة في ظل الاعتماد الكبير على الخبرات الأمريكية في حماية المنشآت النفطية الاستراتيجية.
اقتصاديًا، قد يؤدي استمرار مثل هذه الهجمات إلى ارتفاع أسعار النفط وتذبذب الإمدادات، وهو ما يضع ضغوطًا إضافية على الاقتصاد الإقليمي الذي يعتمد بشكل كبير على صادرات الطاقة. كما أن الشركات العالمية تتابع هذه التطورات عن كثب، ما يجعل العراق أمام تحدي الحفاظ على استثماراتها وضمان بيئة مستقرة لجذب رؤوس الأموال الأجنبية.
أما على الصعيد السياسي والدبلوماسي، فإن تصريحات مارك سافايا تشير إلى مستقبل معقد للعلاقات بين بغداد وأربيل من جهة، وواشنطن من جهة أخرى. فالدور الأمريكي في توجيه التحركات الأمنية والإستراتيجية يعزز من قبضة واشنطن على القرار المحلي، لكنه في الوقت نفسه قد يكون مصدر توتر إذا شعرت الأطراف المحلية بأن استقلالية القرار الوطني مهددة.
في ضوء هذه الأحداث، يمكن القول إن مستقبل العلاقات سيعتمد على قدرة الأطراف العراقية على إدارة أمنها الداخلي بالتنسيق مع القوى الإقليمية والدولية، دون أن تفقد المبادرة المحلية لصالح النفوذ الخارجي. ومن المتوقع أن تستمر الولايات المتحدة في لعب دور الحاضنة والداعم، مع التركيز على حماية المصالح الاستراتيجية النفطية ومنع أي تصعيد أمني قد يضر بمصالحها ومصالح شركائها.
خلاصة القول، إن هجوم خورمور لم يكن مجرد حادث أمني، بل اختبار حقيقي لقدرة العراق وكردستان على الصمود في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية، مع الحفاظ على توازن دقيق بين التعاون الدولي والاستقلالية المحلية. تصريحات مارك سافايا تسلط الضوء على دور الولايات المتحدة كفاعل محوري في هذه المعادلة، وهو ما يتطلب من القيادات العراقية صياغة استراتيجيات واضحة لضمان الأمن والاستقرار، دون التضحية بسيادة القرار الوطني.

