في الذكرى الرابعة لرحيل
الأستاذ محسن علی اکبر … ذاكرة مدينة، وسيرة رجل من نور
عباس عبدالرزاق
تمرّ اليوم أربع سنوات على رحيل الأستاذ محسن علي أكبر قاسم، الرجل الذي لم يكن مجرّد اسمٍ في صفحات النضال، بل كان مدرسةً في الثبات، ونموذجًا في النزاهة، ورمزًا من رموز الوفاء لخانقين ولكردستان.
لم يكن الأستاذ محسن سياسيًا عابرًا ولا مناضلًا يبحث عن موقع أو مكسب؛ بل كان روحًا هادئة ثابتة، وضميرًا صافيًا حمل هموم الناس بصدقٍ وأمانة.
كان حضوره وقورًا، وخطواته محسوبة، وكلمته صادقة لا تعرف المواربة، ولذلك عاش حياته نقيًّا كما حلم بوطن نقيّ، ورحل وهو محافظ على طهارته السياسية والأخلاقية التي اشتهر بها.
رجلٌ شكّلته التجارب، ولم تغيّره المناصب
منذ بدايات شبابه في خانقين، مرورًا بانضمامه إلى صفوف كومەله رەنجداران في أوائل السبعينيات، ثم مسيرته الطويلة مع الاتحاد الوطني الكردستاني—من البيشمركة إلى العمل التنظيمي والإعلامي والدبلوماسي— ظل الأستاذ محسن هو نفسه:
هادئًا، متواضعًا، شديد الإخلاص لقضيته، بعيدًا كل البعد عن ضجيج السياسة وفوضى المناصب.
خاض المعتقل، وعاش سنوات الجبهات، وتنقّل بين المهام الصعبة: من تمثيل الاتحاد في سردشت وطهران، إلى قيادة التنظيمات في كركوك وگـرميان وشاربازور، وصولًا إلى البرلمان الكردستاني.
ومع كل هذه المسؤوليات، بقي محتفظًا بملامحه البسيطة وطبعه السمح وابتسامته التي لا تخطئها العين.
خانقين… المكان الذي احتله في قلبه
لم تكن خانقين بالنسبة إليه مدينةً وُلد فيها وحسب، بل كانت وطنه الصغير، وواجبه الأكبر، وأمانته التي لم يتخلَّ عنها. عرفه أهل خانقين قريبًا من الناس، مستمعًا لهم، وواقفًا إلى جانبهم في كل ظروف المدينة الصعبة، سواء قبل 2003 أو بعدها.
كان الأستاذ محسن داعمًا، ومصلحًا، ومرجعًا اجتماعيًا وسياسيًا، يحمله الناس محبةً واحترامًا نابعَين من أخلاقه لا من سلطته.
وقد ترك غيابه فراغًا لم يُملأ، وجرحًا لا يزال طريًّا في ذاكرة كل من عرفه.
في الأول من كانون الأول/ديسمبر 2021، وبعد صراعٍ مع المرض وجائحة كورونا، غاب الأستاذ محسن عن الدنيا، لكن صورته بقيت حيّة:
رجلٌ لم تغره المناصب، ولم تغيّره السنوات، ولم يخضع لخيارات كانت تُضعف الآخرين.
رحل كما عاش: بهدوء، وبصمت، وبقلبٍ نقيّ لا يحمل إلا حبَّ الناس والوطن.

