تتجه الحوارات الدائرة في غرف تشكيل الحكومة العراقية الجديدة نحو مزيد من التعقيد، وسط غياب توافقات حقيقية داخل القوى السياسية الرئيسة. وعلى الرغم من الحراك السياسي المكثف، فإن مخرجاته لا تزال محدودة، وترجّح مصادر تأجيل حسم الاستحقاقات الدستورية لفترة غير قصيرة، وفي مقدمتها اختيار رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب.
وتمثلت آخر حلقات الانسداد السياسي في اجتماع “الإطار التنسيقي”، المظلة الجامعة للقوى الشيعية في العراق، الذي عُقد مؤخرا وانتهى من دون مخرجات واضحة أو توافقات على مرشح رئاسة الوزراء، ما يضيف مؤشراً جديداً على عمق الانقسام الداخلي.
فيما تشير مصادر مطلعة إلى “غياب أي اتفاق”، منوهة إلى أن النقاشات بقيت مشحونة، في ظل إصرار بعض القوى على طرح أسماء محددة لمنصب رئاسة الوزراء، من بينها نوري المالكي، محمد شياع السوداني، أسعد العيداني، حميد الغزي، علي شكري، حيدر العبادي، وقاسم الأعرجي.
وتشهد الساحة السنية هي الأخرى حالة من عدم التوافق بشأن اختيار مرشح لرئاسة مجلس النواب، وهو استحقاق لا يقل حساسية عن منصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء.
وكشفت تسريبات، نقلتها وسائل إعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، عن تداول أسماء للمنصب، أبرزها محمد الحلبوسي، ومثنى السامرائي، محمود القيسي، إلى جانب أسماء أخرى تُطرح في الكواليس دون إعلان رسمي، وهو ما يعكس غياب مركز قرار موحد داخل المكون السني، ويعزز من احتمالات تأخر حسم الاستحقاقات الدستورية.
وبينما يواصل “الإطار التنسيقي” مشاوراته لحسم مرشح رئاسة الوزراء، فإن غياب التوافقات الكردية والسنية يلقي بظلال ثقيلة على مجمل العملية السياسية، ويرفع احتمالات تجاوز المدد الدستورية أو اللجوء إلى صفقات معقدة قد لا تعكس طموحات الناخبين، لكنها تُعد ضرورية لتفادي فراغ سياسي طويل. وقد يكون ذلك وراء تصريح مجلس القضاء الأعلى قبل أيام، حين دعا القوى العراقية إلى التزام المدد الدستورية لتشكيل السلطتين، التشريعية والتنفيذية، مؤكداً أن تجاوز هذه المدد لم يعد مجرد مخالفة إجرائية، بل تهديداً مباشراً لاستقرار الدولة وتماسك مؤسساتها.