أكد رئيس الجمهورية الدكتور عبد اللطيف جمال رشيد، أن العراق أعاد تعزيز دوره المحوري على المستويين الإقليمي والدولي بعد سنوات من الانكفاء، وأنه يؤدي اليوم أدوارا فاعلة داخل المنظمات الدولية والأممية، في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والتنموية.
وأضاف في كلمة ألقاها خلال منتدى العام الدولي للسلام والثقة الذي بدأ أعماله اليوم الجمعة 12 كانون الأول 2025، في العاصمة التركمانستانية عشق اباد بمناسبة الذكرى الثلاثين لحياد تركمانستان، أن العراق يسعى الى ترسيخ علاقات متوازنة وفاعلة مع محيطه الإقليمي والدولي، تستند إلى مبادئ السلام والتعاون ونبذ الحروب والصراعات، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
ودعا رشيد المجتمع الدولي الى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لوقف معاناة الشعب الفلسطيني، ووقف الاعتداءات المستمرة للكيان الصهيوني على سوريا ولبنان ومنع انزلاق الشرق الأوسط إلى حرب لا رابح فيها، مؤكدا ان أي سلام، أو استقرار حقيقي في المنطقة، لن يتحقق الا بالتوصل الى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
وفيما يأتي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الفخامة والسمو والمعالي
فخامة سردار بردي محمدوف رئيس جمهورية تركمانستان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
بداية أتوجه بجزيل الشكر والتقدير الى القيادة في تركمانستان على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال وتنظيم هذا المنتدى المهم، بمناسبة الذكرى السنوية الثلاثين لحياد تركمانستان الدائم، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن يكون العام الحالي 2025 عاماً دولياً للسلام والثقة.
نجتمع اليوم في ظرف بالغ الدقة، يمرّ به عالمنا، إذ تشهد مناطق عديدة نزاعات وصراعات وحروباً تلقي بظلالها على العالم أجمع، بصورة مباشرة وغير مباشرة، وتخلّف تداعيات واسعة على مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية.
ان خطورة هذه المرحلة تستدعي منا جميعا اتخاذ خطوات حاسمة وجادة لوقف هذه الصراعات ووضع حد لمعاناة الشعوب.
لقد عانى العراق على مدى العقود الماضية، من إرث ثقيل من الحروب والنزاعات والاستبداد والإرهاب، خلّف خسائر جسيمة أرهقت الدولة والمجتمع، دفع العراقيون بسببها أثماناً باهظة، وقد عطلت تلك التحديات اقتصاد البلاد، وأوقفت مسيرة بنائها وإعمارها ورفاهية شعبها، غير أن واقع اليوم يبرهن على أن العراق يمضي بثبات نحو مرحلة مختلفة.
اليوم، يواصل العراقيون جهودهم لترسيخ الأمن والاستقرار، وتعزيز الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، ودعم مسارات البناء والإعمار وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وترسيخ علاقات متوازنة وفاعلة مع محيطه الإقليمي والدولي، تستند إلى مبادئ السلام والتعاون ونبذ الحروب والصراعات، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
وبعد سنوات طويلة من العزلة، يعود العراق الى ممارسة دوره المحوري على المستويين الإقليمي والدولي، فبلادنا تتولى رئاسة القمة العربية، ورئاسة مجموعة الـ(٧٧ + الصين)، وتؤدي أدوارا فاعلة داخل المنظمات الدولية والأممية، في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والتنموية.
السيدات والسادة
لا يخفى على أحد، حجم الأزمة المستعصية التي يعيشها الشرق الأوسط منذ عقود، والتي تركت آثارها على المنطقة والعالم، وفي مقدمتها استمرار معاناة الشعب الفلسطيني، الذي يواجه أشكالاً متعددة من العنف والقتل والتجويع والتهجير وتدمير المدن والمنازل، أمام أنظار المجتمع الدولي.
إن أي سلام، أو استقرار حقيقي في المنطقة، لن يتحقق الا بالتوصل الى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، من خلال تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، ومنح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة، وعلى المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية لوقف معاناة هذا الشعب، الذي لا يطالب إلا بحقوقه الأساسية في الأرض والهوية والمستقبل أسوة ببقية شعوب العالم.
كما نحث المجتمع الدولي على اتخاذ خطوات جادة لإرساء الأمن والاستقرار في دول المنطقة، ووقف الاعتداءات المستمرة للكيان الصهيوني في سوريا ولبنان، وقبلها في دولة قطر والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنع انزلاق الشرق الأوسط إلى حرب لا رابح فيها.
ويدعو العراق إلى استئناف الجهود الدبلوماسية بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمجتمع الدولي، وصولاً إلى تفاهمات عادلة من أجل حق الشعب الإيراني في العيش الكريم.
ونؤكد دعمنا لكل الجهود الدولية الهادفة إلى إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أربعة أعوام، والتي ألقت بظلالها السلبية على العالم بأسره، ونشدد على أهمية تكثيف الحوار بين الجانبين للوصول إلى تسوية تنهي هذا النزاع، كما نؤيد جميع المبادرات السلمية من أجل انهاء الصراعات وتثبيت السلم العالمي.
يؤكد العراق موقفه الثابت في بناء علاقات متوازنة مع الجميع، ويشدد على دعم مسار الحوار والتلاقي، بوصفه السبيل الأمثل لحل النزاعات والخلافات في المنطقة والعالم، فالمصالح المشتركة بين شعوبنا، أكبر وأعمق من كل ما يفرّق، والتحديات الاقتصادية والبيئية التي يواجهها عالمنا اليوم، تتطلب تعاونا صادقا وتنسيقا فعّالا، يقوم على مبدأ التضامن والثقة والمسؤولية المشتركة، فغاية شعوبنا جميعا هي العيش الكريم الذي يصون كرامة الإنسان ويعزز رفاهيته.
ختاما، أجدد الشكر والتقدير للقيادة العليا في تركمانستان والشعب التركمانستاني الصديق على تنظيم هذا المنتدى المهم، مع أطيب التمنيات بنجاح أعماله وتحقيق أهدافه السامية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

