الكاتب..حمزة مصطفى
أجرى العراق الذي يعتمد النظام الديمقراطي التداولي للسلطة عبر صناديق الإقتراع انتخابات برلمانية هي السادسة بعد إسقاط النظام السابق عام 2003. ولكون العراق من البلدان حديثة العهد بالديمقراطية في منطقة ذات أنظمة مختلفة بين جمهورية وملكية بعضها ديمقراطي وبعضها الآخر لا يعترف بالتداول السلمي للسلطة، ولم يعرف البرلمانات أو المجالس التنفيذية حتى الشكلية منها فإنه يواجه أزمتين في آن واحد.
الأولى هي كيفية التعامل مع دول محيطة وأخرى بعيدة ذات أنظمة حكم مختلفة، سواء من حيث شكل الحكم {جمهوري أم ملكي} ومن حيث طبيعة علاقات هذه الأنظمة مع الشرق والغرب، والثانية هي كيفية التعامل مع ملفات الداخل وهي كثيرة وبعضها معقد، سواء على مستوى شكل وطبيعة الديمقراطية التي تتشكل بموجبها الحكومات أو كيفية إدارة الحكم وسط أزمات إقليمية ودولية متسارعة.
يضاف إلى ذلك أن الحاجة لا تزال قائمة إلى حسم هوية النظام الاقتصادية التي لاتزال قلقة بين نظام اشتراكي غادرناه بعد عام 2003 وبين نظام يعتمد الاقتصاد الحر، لكن لاتزال العقلية الاشتراكية تهيمن على العديد من مفاصل الدولة.إذن نحن حيال وضع داخلي وإقليمي ودولي بقدر ما يمثل فرصا في كيفية استغلال التحولات العميقة، التي تحيط به فإنه في الوقت نفسه يمثل تحديات تتطلب خططا وقرارات بمستوى ما يحصل من حولنا. فنحن في النهاية أحد البلدان ليست المهمة فقط في المنطقة والعالم بل نحن من البلدان المركزية.
وهنا لا بد من التفريق بين كون البلد مهما وبين كونه بلدا مركزيا يمثل قاعدة ودعامة في أي تغيير إقليمي ودولي. ففي العالم ومثلما هو معروف هناك بلدان ذات طابع وظيفي، سواء من حيث الإمكانيات الاقتصادية التي تملكها والتي توظفها بما يحفظ وضعها الخاص مع إمكانية لعب دور إقليمي وعالمي وظيفي تحتاجه الدول الكبرى في كثير من
الأحيان. لكن هذه البلدان الوظيفية تبقى مهما كان دورها الوظيفي مهمًا في الدرجة الثانية بالقياس إلى الدول التي تحتل دورا مركزيا في الإقليم والعالم، سواء بسبب الموقع الجغرافي أو الموارد المالية ذات المصادر المتعددة وليس ذات المصدر الواحد، وهو النفط أو نتيجة إتباعها سياسة قادرة على اللعب على كل المتناقضات.
الفارق الأهم بين البلدان الوظيفية وبين البلدان المركزية أن الأولى ليست دائمة التأثير لأن جزءا من مقومات قوتها ودورها مرتبط بما تملكه من موارد يمكن أن تنضب ذات يوم بين الأنظمة ذات الدور المركزي ومنها العراق تبقى مكانتها قائمة لكنها تحتاج إلى استثمار للموقع والإمكانيات. وحيث إن هذا الأمر يبقى متعثرا ما لم تحسم هذه الدول بعض الإشكاليات الداخلية، التي تتعلق بطبيعة تداول السلطة والاعتراف بنتائج الانتخابات واحترام الدستور وعدم السماح لاي طرف إقليمي ودولي التدخل في الشؤون الداخلية. الأهم أن العراق كبلد وإمكانيات مؤهل، لأن يبقى دوره مركزيا مهما كانت العواصف المحيطة به في منطقة شديدة العواصف وهي الشرق الأوسط والمخططات المرسومة له شريطة أن نحسم مسألة الحكم.
الصباح