اجری اللقاء / رزكار شواني
يعد الموسوعي الاستاذ توفيق حسن العطار واحدا من الأسماء الثقافية البارزة التي أسهمت على مدى عقود في ترسيخ قيم التعايش والانفتاح الثقافي في مدينة كركوك، المدينة التي عرفت بتنوعها القومي واللغوي وثرائها الحضاري .. العطار هو شخصية وطنية عربية، يتقن اللغتين الكوردية والتركمانية إلى جانب العربية، وقد كرس حياته للحفاظ على الثقافة الوطنية وتعزيز روح الأخوة بين مكونات المجتمع.
ولد الاستاذ توفيق حسن العطار عام 1947 في مدينة كربلاء، وتخرج في دار المعلمين عام 1971، ليبدأ بعدها مسيرته التربوية مدرسا في مدينة كركوك ، وعلى مدى 25 عاما من العمل في سلك التربية والتعليم، أسهم في بناء أجيال متعاقبة، قبل أن يحال إلى التقاعد، محتفظا بحضوره الفاعل في المشهد الثقافي والفكري .
وفي حديثه ، استعاد العطار ملامح بداياته الأولى، قائلًا : في سن مبكرة، وجدت نفسي في مجتمع كانت فيه الكتب والصحف والمجلات تحظى بمكانة مقدسة لدى الناس، وكان المثقفون موضع احترام وتقدير كبيرين من جميع فئات المجتمع، شبابا وكبارا ، كنت من رواد مكتبة كركوك العامة، أرتوي من معين المعرفة وأتذوق متعة القراءة، وهو ما شكل وعيي الثقافي مبكرا .
وأشار إلى أن نشأته في كربلاء، المدينة المتنوعة اجتماعيا وقوميا، كان لها أثر بالغ في تكوين شخصيته، موضحا:
كان مجتمع كربلاء مجتمعا متعدد الأطياف، يضم العرب والكورد الفيليين والتركمان وقوميات أخرى، من بينها الإيرانيون والهنود وسكان مناطق مختلفة. هذا التنوع زرع في داخلي روح التفاعل والتآخي، وعلمني قيمة التعايش وقبول الآخر .
وعن تجربته في كركوك، توقف العطار مطولا عند الحياة الثقافية في المدينة، مؤكدا أنها كانت ولا تزال مصدر إلهام له، وقال :
الوجوه المشرقة لكتاب ومثقفي كركوك، وثقافتها المتنوعة والمنفتحة، واحترامها للآخر، شكلت حافزا كبيرا لي ، خلال عملي في المدارس الحديثة تعلمت اللغة التركمانية، وبمساعدة إخوتي في محلة تسعين القديمة. وفي مدرسة طوبزاوة، حيث كانت اللغة الكوردية هي اللغة السائدة بين الطلبة، قررت تعلمها عبر الحوار اليومي، وتمكنت من إتقانها، بل وبدأت بتدريس اللغة الكوردية لطلبة الصف الخامس.
وحول دوره كمثقف فاعل، ومواظبته على حضور الندوات والمؤتمرات والفعاليات الفكرية، أوضح العطار: للكتاب الكورد والتركمان حضور عميق ومؤثر في المشهد الثقافي الكركوكي، وأنا أُقدر دورهم عاليا. أحاول دائما مقاربة هذه الثقافة من خلال رؤيتي الخاصة وصياغتي اللغوية، وأجد سعادة حقيقية في التعايش مع أفكارهم وتطلعاتهم الأدبية والوطنية، بروح من التقدير والاحترام والالتزام الصادق بقيم العيش المشترك.
وفي ختام اللقاء، تطرق العطار إلى منجزه الأدبي والفكري، مشيرًا إلى أنه أصدر كتابين أدبيين، وكتب مئات المقالات في صحف ومجلات مختلفة، وكان من كتاب ( صحيفة النور ) التي ترأس تحريرها الصحفي الراحل حلمي علي شريف ، كما أنجز أكثر من مئتي دراسة وبحث متخصص في الفولكلور الشعبي، قام بنشرها عبر منصاته في وسائل التواصل الاجتماعي، إيمانا منه بأهمية توثيق التراث الشعبي وإيصاله إلى الأجيال الجديدة.
ويؤكد الموسوعي توفيق العطار أن الثقافة ستبقى الجسر الأمتن للتقارب بين أبناء الوطن الواحد، وأن كركوك، بتاريخها وتنوعها، قادرة دائما على تقديم نموذج حي للتعايش والانسجام الإنساني.

