سوران علي
ما أثاره وصف شاعر المطر وأحد أبرز رموز الشعر الحديث بدر شاكر السياب بذي شخصية ضعيفة من جدل وردود أفعال يعد أمرا طبيعيا لا غرابة فيه، فالشخصيات المبدعة والأعلام العظام مغيرو التاريخ يشكلون مادة دسمة للنقاش والحوار حتى بعد وفاتهم بأعوام بل بعقود وقرون وإلا فهم أشخاص عاديون لا بصمة لهم على مجرى التاريخ وتغيير المجتمعات.
هنا أنا لست بصدد انتقاد الروائية والناقدة بلقيس شرارة على ما بدر منها بحق السياب ما فُسِّر على أنه إهانة وانتقاص من شخصية هذا الشاعر الرمز، ولا للحديث عن رد فعل محبي السياب وأسرته ولا سيما ابنته آلاء التي وصفت تلك التصريحات بالإساءة الفكرية والأخلاقية لإرث والدها، ولكن ما حدث يعيد إلى الأذهان مسألة في غاية الأهمية وهي أثر المبدعين على تاريخ المجتمعات.
لا يختلف اثنان على عبقرية السياب ابن جيكور والشناشيل وما خلفه نتاجه الأدبي من أثر على الشعر العربي الحديث (وهذا ما أكدته شرارة نفسها) ولكن هذا لا يجعله مصونا من الانتقاد بطريقة علمية شعرا وشخصا ومن دون الانتقاص من كرامته الإنسانية أو المساس بشخصه والتاريخ يشهد لأسماء عظيمة لم تسلم من الهجوم والمسبة والاتهام الباطل وظل نتاجهم شاخصا للإشادة والثناء إلى يومنا هذا.
جوهر الموضوع يلخص أن الحديث عن المبدعين الغابرين حتى في أوجه غير محبذة إنَّما يدل على مدى علو مكانتهم وسمو ما قدموه فالمجتمع لا يستطيع نسيانهم نظرا لعظم آثارهم وتأثيرهم، فامرؤ القيس وبشار بن برد وجرير والفرزدق والمتنبي والمعري وأبو فراس لم يسلموا من جور الكلمة ولذع الانتقاد ولكن ذلك لم ينقص من هيبة آثارهم قيد أنملة.