تستعد جلسة مجلس النواب العراقي المنتخب للانعقاد في ظل مشهد سياسي معقد، يعكس استمرار الخلافات بين المكونات الرئيسة: الشيعية والسنية والكردية، فيما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس مجلس الوزراء. ويشكل هذا الوضع امتدادًا للتقاطعات والخلافات السياسية السابقة، ما يزيد من صعوبة الوصول إلى توافق وطني سريع.
البيت الشيعي: الأغلبية بلا مرشح واضح
يمتلك البيت الشيعي أكثر من 200 مقعد، ما يمنحه الأغلبية المطلقة داخل البرلمان، إلا أن القوى الشيعية لم تتوصل بعد إلى اتفاق حول مرشح واحد لشغل منصب رئيس الوزراء، ما يعكس الانقسامات الداخلية بين الأحزاب والفصائل المختلفة رغم القوة العددية.
القوى السنية: مجلس سياسي بلا توافق
بادرت القوى السنية فور إعلان النتائج النهائية إلى تشكيل مجلس سياسي سنّي، في محاولة لضمان حضور مؤثر في العملية التشريعية المقبلة، إلا أنهم لم يتمكنوا من الاتفاق على مرشح واحد لرئاسة مجلس النواب، ما يضعف قدرتهم على توحيد موقفهم السياسي أمام باقي المكونات.
البيت الكردي: خلافات مستمرة تعقد المشهد
تبدو الصورة أكثر تعقيدًا بالنسبة للمكون الكردي، نتيجة الخلافات المستمرة بين الحزبين الرئيسيين: الاتحاد والديمقراطي الكردستاني. فقد فشلا سابقًا في التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة الإقليم بعد انتخابات برلمان كوردستان قبل نحو 14 شهرًا. ومع صدور نتائج انتخابات مجلس النواب العراقي لعام 2025، تعقد مهمة التوافق على مرشح واحد لمنصب رئيس الجمهورية، ما يعكس عمق الانقسامات داخل البيت الكردي ويزيد من صعوبة إنجاز التوازنات السياسية اللازمة لتشكيل الحكومة الجديدة.
انعكاسات الخلافات على البرلمان والحكومة
غياب التوافق بين المكونات الثلاثة الرئيسة يهدد انطلاق البرلمان الجديد ويجعل عملية انتخاب الرؤساء والبدء في تشكيل الحكومة أكثر تعقيدًا وتأخيرًا. كما أنه يعكس استمرار منطق التوافق السياسي على حساب الالتزام بالجدول الدستوري، ما قد يؤدي إلى تمديد فترات تصريف الأعمال وتأجيل الاستحقاقات الدستورية، وهو ما يعيد إنتاج أزمة شرعية مؤسساتية سبق أن شهدها العراق في دورات سابقة.
الخلاصة التحليلية:
تشكل الخلافات المستمرة بين المكونات الشيعية والسنية والكردية اختبارًا حقيقيًا لقدرة النظام السياسي العراقي على إدارة المرحلة الانتقالية بعد انتخابات 2025. فالأغلبية العددية وحدها لا تكفي لضمان تشكيل الحكومة، بينما الانقسامات الداخلية تحجب إمكانية الوصول إلى توافق وطني سريع. إن استمرار التعثر في اختيار المرشحين الرئيسيين سيؤدي إلى إطالة أمد الأزمة السياسية ويضعف ثقة المواطن بالعملية الانتخابية، ما يجعل من احترام التوافقات الدستورية والجدول الزمني للانتخابات ضرورة ملحة للحفاظ على استقرار الدولة.
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً
اشترك في نشرتنا الإلكترونية مجاناً.

