التجزئة الدستورية
كما هو معلوم أن الدستور يمثل مجموع الإرادات الحرة الوطنية للناخبين في عملية ديمقراطية سياسية و قانونية لتحديد الحقوق و الواجبات للسلطة و الأفراد معا و لجميع أطياف الشعب بأقلياتها و أكثريتها دون استثناء، و من غير المنطقي والمعقول و هذا ما يعتبر كفرا قانونيا و جريمة دستورية ووطنية لا تغتفر حين يحاول البعض تجزئة النصوص الدستورية حسب الولاءت و الإملاءات السياسية و الحزبية الضيقة ، من الممكن و من وجه النظر القانونية لربما الاختلاف في تفسير مادة دستورية او مبدء دستوري أو نص دستوري في مسالة ما، لكن هذا لا يعني عدم الاعتداد بها، فالمشرع حين يعمل على صياغة المواد الدستورية يزرع الروح الوطنية و الفلسفة الديمقراطية في قوالب قانونية داخل الهرم الأعلى في الدولة و قد عالج المشرع أيضا هذه المعضلة بالرجوع الى المحكمة الدستورية او المحكمة العليا او المحكمة الاتحادية حسب النظام القانوني و السياسي للدولة و هذا منعا للخروج او التهرب او التعسف في استعمال الأدوات القانونية لإجهاض نص او مبدا ما.
و هنا و بعد تشكيل الكابينة الوزارية الثامنة وذلك بعد ولادة اول دستور دائم عراقي منتخب في سنة ٢٠٠٥ والتي لمحت الى اعادة العمل بالمواد الدستورية المتعلقة بالمناطق التي تسمى دستوريا المناطق المتنازع عليها و وفقا للفقه الدستوري و التشريع الدستوري و انها خطوة وطنية ايجابية نحو الافضل لان تعطيل العمل بالمواد الدستورية يعتبر خرقا و انتهاكا صريحا معاقب عليها وفقا للقانون و تضع السلطات امام مسوولية وطنية و دستورية تاريخية و بل امام مسوؤلية تقصيرية يستوجب العقوبة و الجزاء امام القضاء ، لذا بات من المحتم على الحكومة الحالية التسريع في تطبيق المواد الدستورية و العمل بها و عدم الاستماع الى التغريدات و الدعوات الخارجة عن السري الوطني التي تضعف الدستور و تهدم الفلسفة الدستورية التي بنيت عليها لاجل الحفاظ على حقوق و واجبات الشعب كافة و تحقق الاستقرار و الامان و السلم و السلام الوطني ومن ضمنها تطبيق المادة ١٤٠ لإعادة المناطق المنتزعة عنوة بقرارات بعثية و دكتاتورية و غير دستورية و غير وطنية لتفكيك الهويات القومية و الوطنية بدوافع و بواعث شوفينية ، لذا فان خطوات الرئاسات الثلاث و الالتفاف الى هذه المسالة واجب دستوري و وطني و اخلاقي و تاريخي لابد من عدم الهوان بها و ان تقوم بدورها باعتبارها سلطات قانونية تستمد شرعيتها وقوتها من الدستور ان تحيل كل من يحاول العبث بروح و فلسفة المشرع و الدستور لأنها الضمانة الأولى والاخيرة للجميع للبقاء تحت المظلة الوطنية بكرامة و شرف و شموخ .
الكاتبة المحامية
هيفار محمد عمر