الإرادة الوطنية حينما يتم التعبير عنها في إرادات ديموقراطية سياسية جماهيرية، تنتج الدستور ومبادئها الوطنية في صياغات وقواعد ونصوص تمثل حقوق وواجبات المواطنين الذين صوتوا على هذا الدستور الدائم (دستور جمهورية العراق الاتحادي الفيدرالي لسنة 2005)، وذلك تعبيراً ورغبة منهم في رسم هيكل السلطة و الإدارة وسلطات الحكومة وتحديد المفاهيم والأسس التي تنظم الحياة العامة والخاصة للمواطن وفقاً للدستور.
وبالتالي فأن الدستور ضامن لكل هذه الحقوق والحريات و الواجبات، وبمعنى آخر أن الضمانات الدستورية هي ضمانات وطنية وجماهيرية عامة، لابد للسلطات والحكومة الامتثال لها وعدم انتهاكها لا جزئياً ولا كلياً، وبخلافه تكون الجهة المنتكهة أياً كانت مرتبتها داخل السلم والهرم الدستوري، أمام جريمة دستورية معاقب عليها وفقاً للنصوص الدستورية والقوانين النافذة والمعمول بها في التشريعات و القوانين الوطنية، وعلى القضاء الدستوري والقضاء الاتحادي والمحاكم بمختلف درجاتها التصدى لها أينما حصل خرق دستوري في نص أو بند من بنوده، أينما كان وحينما كان.
لذا وليكون حتمیة أن تلتزم كافة الأحزاب السياسية المشاركة وغير المشاركة في السلطة الحفاظ على هذه المبادئ الدستورية والإلتزام بها شكلاً و روحاً ومضموناً، بل وحتى التي لم تحصل ولم تفز بمقاعد نيابية تؤهلها للمشاركة في السلطة أو عدم الاتفاق مع الكتل الأخرى للمشاركة كقطيعة سياسية، لابد لها هي الأخرى الالتزام والعمل وفقاً للدستور والقواعد السياسية و التوافق الوطني حول عمل وإدارة السلطة.
وهنا مما تجدر الإشارة إليه أن على المجتمع الدولي والأنضمة السياسية الدولية والإقليمية التي ترغب في الحفاظ على مصالحها وحقوقها الدولية، أن تتعهد بدعم الجهود الوطنية والحكومة المقبلة التي بدأت أولى خطواتها وفقاً للبرنامج والمنهاج الحكومي المعتمد من قبلها والذي لقى قبولاً وترحيباً من قبل الأطراف السياسية، وعليها هي الأخرى أن تكون جزءاً من الحفاظ على اللحمة الوطنية حفاظا على الأمن و السلم الدوليين في العراق والمنطقة والعالم.
لذا فعلى الحكومة العراقية (الكابينة الوزارية) أن تتطرق إلى الملفات العالقة والمتراكمة وإدراة دفة الحكم بعدالة دستورية وقانونية وبروج وإرادة وطنية حرة وموضوعية ومجردة بعيدة عن المصالح الشخصية و الحزبية الضيقة التى تهدم كيان الدولة والحكومة والمجتمع وتفكك الثوابت الوطنية، وأن تعتمد على برامج منتظمة ومنظمة وفقاً للسياقات الإدارية المتطورة والحديثة، أسوةً ببقية الحكومات المتقدمة والعمل على رفع المستوى الإداري والوظيفي والحكومي والهنوض بالواقع المرير والهش وتخليص الفرد والمواطن من الأعباء اليومية التي ترهق الفرد والأسرة في المجتمع، ومحاولة العمل على تقريب الوجهات السياسية من خلال نفوذها السياسي وذلك في أن تصب البرنامج السياسي للأحزاب في أهداف ومشاريع سياسية واقتصادية تصب في المصلحة الوطنية الخالصة والشعب وأن تبتعد عن الأجندة والمصالح الخارجية والإقليمية التي تضعف الحكومة والسلطة، وذلك لأن الدستور هوية وطنية قبل كل شيء للمواطنين والدولة.
ومن هنا فأن المادة الدستورية (140) من الدستور العراقي الدائم تعالج العديد من المشاكل الدستورية القائمة بين الأقليم والحكومة الفدرالية ومسألة المزانية وحصة الاقليم من الميزانية الوطنية وتخصيصات رواتب قوات البيشمرگة وقوانين النفط والغاز وتوزيع الثروات بعدالة دستورية على جميع مكونات الشعب.