مفاخر وأمجاد الاتحاد الوطني الكوردستاني باتت يومية ومتراكمة على بعض، فهي سجل طويل، وفي هذا المقام نتحدث عن اثنتين منها فقط، لأنهما الأحدث والأكثر تعقيدا.
لم يكن تواجد فريق الاتحاد الوطني في بغداد، بإشراف السيد بافل جلال طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني، بهدف الذود عن استحقاقات الاتحاد الوطني فحسب، مع أنه حق اتحادي وديمقراطي مشروع، بل الأهم من ذلك كان الهدف منه الذود عن جوهر العملية السياسية في العراق والمتمثل في التوافق والتوازن والشراكة الحقيقية، وقد بذل الآباء المؤسسون للعراق الجديد الكثير من الجهد والمعاناة في سبيل ترسيخ هذا الجوهر الديمقراطي، لأنه بدون تحقيق هذا التشكيل الحيوي، لكانت الحقوق الدستورية للشعب الكوردي وموقع كوردستان في الخارطة السياسية للعراق ضبابيا وغير واضحة المعالم، بل كنا سنعود الى المربع الأول لمطاليب شعبنا.
بعد سقوط صنم الدكتاتورية الصدامية، عام 2003، بذل الآباء المؤسسون للديمقراطية، وعلى رأسهم الرئيس مام جلال، جهودا جبارة ومضنية في سبيل التأطير الدستوري لمبادئ التوافق والتوازن والشراكة الحقيقية.
لقد وضع الرئيس بافل جلال طالباني، من خلال لقاءاته وتفاهماته وحواراته المتوازنة مع مختلف التوجهات السياسية العراقية، حدا للتوجه اللامشروع والغريب وغير الدستوري، الذي أراد، باسم الأكثرية في الأصوات والمقاعد، تهميش الديمقراطية العراقية، وقطع حصة كوردستان منها.
من المؤسف أن الحزب الديمقراطي، ومن أجل الحصول على المناصب والمكاسب المادية ورغبته في سد جميع أبواب الحوار والتعاون في وجه الاتحاد الوطني، أصبح جزءا من هذا التوجه الخطير الذي كان يهدف الى غمط حقوق الكورد، وتقديم اقتراح قاتم باسم زهو الأغلبية الديمقراطية.
فالحزب الديمقراطي الكوردستاني إما إنه لم يكن يدرك هذه المخاطر، أم أن الطمع أعمى بصره وبصيرته، أم أنه ولأسباب أخرى صار جزءا من (سيناريو الأغلبية)، والذي كان يشكل ضربة لجهود ونضال الكورد على مدى 80 عاما، في سبيل بناء عراق جديد وتوافقي، لدرجة أنه لم يهتم بأن رئيس الحزب السيد مسعود بارزاني، ومنذ بداية الحياة السياسية بعد عملية جرية العراق، قد عمل مع القادة الكورد الآخرين والقادة الواعين والديمقراطيين في العراق، على تثبيت هذه المبادئ في الدستور العراقي المستفتى عليه من قبل الشعب، عام 2005.
أسفر قيام الرئيس بافل جلال طالباني وفريق الاتحاد الوطني بوضع حد لميل التمرد، عن حماية العملية السياسية في العراق من الانهيار من جهة، ومن جهة أخرى عزز جوهر التوافق السياسي العراقي، والذي هو الإطار الوحيد الذي يجد الكورد فيه موقعهم في المشهد العراقي الديمقراطي.
أما المفخرة الثانية والمتممة لجهود الاتحاد الوطني في بغداد، فهي البرنامج الحكومي لدولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والذي كانت بصمات الاتحاد الوطني الكوردستاني واضحة عليه، من ناحية ضمان حقوق الكورد وملف المناطق المشمولة بالمادة 140، حيث نأمل أن يدير الكورد هذه المكاسب بالتعاون ووحدة الصف.
تمثلت السياسة الناجحة للاتحاد الوطني بإعادة جميع الأطراف الى مسار حكومة (إدارة الدولة) والتي هي ترجمة دقيقة ونتيجة صائبة لنجاح مفهوم التوافق، بعد تحريف العملية السياسية في البلد عن مساره.
ما حدث في بغداد هو جزء من عملية وضع الحد للإجحاف واللامشروعية في العملية السياسية العراقية، وفي كوردستان أيضا سنتخذ الخطوة نفسها ونضع حدا للإجحاف.
افتتاحية PUKMEDIA