لا شك أن من كان على دراية بالتاريخ الحافل و المشرف للاتحاد الوطني الكوردستاني و منذ تاسيسه في منتصف عام ١٩٧٥ على يد فخامة الرئيس الراحل مام جلال الطالباني و كوكبة من رفاقه المناضلين، لم تأسيس ذلك الحزب محل صدفة عابرة و لم يأت كحادث عرضي، بل جاء التأسيس كضرورة انسانية و جماهيرية و كوردية و كوردستانية و كضرورة وطنية عراقية لمقارعة النظام البائد و ايمانا بالمصالح العليا للشعب و الوطن و ابناء هذا الشعب المكافح بكافة اقوامه و شعوبه لبناء عراق اتحادي فدرالي موحد و قوي و متماسك و متكامل تحت سقف و مظلة دستور عراقي يحمل بين طياته و ثناياه جميع الحقوق و الواجبات العامة و الخاصة للسلطة الحاكمة و الشعب و يرسم شكل الخارطة السياسية و القانونية و الدستورية لهذ الشعب و لهذا الوطن و يحدد نوع النظام الحاكم لهذا الشعب الابي الذي عانى الامرين منذ تاسيس المملكة العراقية عام ١٩٢١ ، التي تم بإيرادات غير وطنية و دون رغبة من شعوبها بل كنتيجة حتمية للقوى الدولية العظمى ابان الحرب العالمية الاولى وتلاه و قبله من احداث سياسية و عسكرية و اقتصادية و حروب غيرت خرائط العالم المنطقة باسرها.
بالتاكيد ان الاتحاد الوطني الكوردستاني و منذ فجر ولادته كحركة وطنية سياسية قررت ان تتبنى القضية الكوردية و الكوردستانية من جانب وذلك بعد انهيار اتفاقية اذار و بعد المؤامرة الاقليمية ما بين الشاه و النظام البائد في ما يعرف باتفاقية الجزائر عام -اذار-١٩٧٥ و كقضية وطنية و عراقية من جانب اخر،فكان شغله الشاغل و من اولويات مهامه السياسية الى جانب مقارعة الظلم و الاستبداد كان دوما حريصا على الهوية الوطنية والقومية للوطن و يؤمن ايمانا عميقا بان حل المسالة الكوردية و الكوردستانية يجب ان ان تكون مع المركز و بأطر سياسية و دستورية في مناخ وطني ديمقراطي حر الى جانب الوقوف على قدم المساواة مع القوى و الأحزاب العراقية و الكوردستانية الاخرى تجمعها النضال الوطني و الهدف المشترك.
بالتالي فكان من الضروري جدا ان تتحد وحدة الهدف و وحدة الهوية و وحدة الوطن مع الاخذ بنظر الاعتبار التأكيد على حق تقرير المصير استنادا لما اعلن عنه للرئيس الامريكي ويلسون و مبادئه الاربعة عشر عام ١٩١٨ في حق تقرير الشعوب مصيرها.
فرغم الاختلاف الجوهري ما بين الاتحاد و القوى و التيارات الوطنية الاخرى في النهج و الفكر كان الاتحاد دوما يلعب الدور الرئيس و الحاسم في توحيد الصفوف الكوردستانية و الوطنية نحو الهدف المشترك الا و هو اسقاط النظام الدكتاتوري الفاشي البائد و إحلال الحرية و السلام و زرع البيئة الديمقراطية لكافة شعوب و قوميات العراق.
بالمقابل فاننا نرى بان جميع الحركات و التيارات و الأخزاب العراقية كالوطنية و رغم تجاذباتها و تنافراتها حسب الظروف السياسية انذاك كانت ترى دوما في سياسات الاتحاد الوطني الكوردستاني و الدور المحوري لفخامة الرئيس الراحل مام جلال الرئد و الموثر في جمع الفرقاء و الخصوم على طاولة الحوار الوطني سواء في الداخل الثوري او الخارج ، و ذلك ايمانا بان مصالح الشعب و الوطن في العراق هي مصالح وطنية عليا و مقدسة و وثوابت و مسلمات يستوجب التضحية و النضال المشترك و الفداء و الاتحاد و الوحدة ضمن المنظومة الثورية الوطنية، و ليس ببعيد هذا ما لمسناه و بشكل فاعل و حي ابان تحرير العراق عام ٢٠٠٣ حينما ساره فخامة الراحل مام الى اقامة اول حوار وطني بعد التحرير في العاصمة بغداد و كاول اجتماع للثوار في احضان العاصمة بغداد فكان له الدور الفاعل و الحاسم مع قوى الحلفاء و قوى الاصدقاء و الدول الاقليمية و دول المنطقة في البدء لاعادة بناء العراق و البدء بالعملية السياسية الوطنية و بشكل ديمقراطي و اخلاقي بناء ، وذلك لرسم وطن حر ووضع اول دستور عراقي منتخب في تاريخ هذا البلد، بارادة حرة مختارة و كحجر اساس لترميم التصدعات الوطنية و رمي الانقاض السياسية والعسكرية التي خلفتها الحروب و الصراعات الاقليمية و الدولية و طي صفحة الماضي المرير.
و من هذا النهج الوطني الفاعل و المؤثر فإننا نلتمس و بوضوح تام و صريح اليوم الدور الذي يلعبه الاتحاد الوطني الكوردستاني باعتباره ارثا وطنيا و سياسيا لحل المشاكل و ازالة العقبات و فتح الانسداد السياسي و ازالة العوارض التي تعتري الجميع دون استثناء وصارت حجر عثرة امام المسيرة الوطنية ، خاصة بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة السوداني و اختيار رئس الجمهورية نرى مواقف الاتحاد الوطني الكوردستاني ينصب حول التاكيد المستمر و الحرص الدائم على مشروعية المطاليب الشعبية لابناء الوطن باعتبارها حقوق دستورية مشروعة و التأكيد على ضرورة قيام السلطات الثلاث بدورها الوطني و الدستوري في اتباع الاسس و المبادئ الوطنية التي ناضل لاجلها الشعب و قدم الغالي و النفيس و التي لاجلها تم وضع و صياغة الدستور .
و لاشك بان خطى و مساعي الاستاذ باڤل جلال الطالباني رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني و عمله الدؤوب و حكمته في ادارة الدفة و العصا الوطنية في النظر نحو الافاق الوطنية في بغداد و تواجده القريب و شبه المستمر و زياراته المتكررة مرتكزا على الفلسفة السياسية و النهج الوطني لفخامة الراحل مام و رفاقه في الحزب كانت بمثابة بيضة القبان في خلق التوازنات الوطنية و السياسية مع الجميع على المسرح السياسي الوطني ، فحقا ان الاتحاد قد نجح في مراحله الثورية و مراحل ما بعد الثورة و احياء معالم ادارة الحكم و السلطة و الحفاظ على الهوية الوطنية و الدستورية لجميع شعوب و قوميات العراق ، لان وجوده حقا ضرورة وطنية قصوى لاحلال السلام في العراق و المنطقة و العالم.
الكاتبة المحامية
هيڤار محمد عمر