أكد رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، اليوم الأربعاء، أن أزمة المياه تُشكل تهديدا كبيرا للأمن الغذائي والتنوع البيولوجي، فيما ناشد المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات جادة لتقليل آثار تغير المناخ .
وقال رئيس الجمهورية خلال كلمته في مؤتمر الأمم المتحدة للمياه المنعقد في نيويورك تابعه المسرى ، إن” الماء هو شريان الحياة ورفاهيتها، وضرورة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويخرج العراق اليوم من رماد الحرب وهو يواجه أزمة مياه غير مسبوقة تفاقمت بسبب الآثار المعقدة لتغير المناخ وسياسات المياه في الدول المجاورة، وتؤثر أزمة المياه في العراق بالفعل على سبل العيش، وتؤدي إلى تلاشي الوظائف، وتتسبب في النزوح بمعدل ينذر بالخطر”.
وأضاف” وتُشكل هذه المشكلة تهديدات كبيرة للأمن الغذائي والتنوع البيولوجي، وإذا ترك الأمر بدون تدخل فوري، سيشكل نقص المياه مخاطر كبيرة على نظام الأغذية الزراعية والنظام البيئي والاستقرار الاجتماعي في العراق، ولمعالجة أزمة المياه في العراق هنالك حاجة ماسة إلى إيجاد حلول مستدامة ومبتكرة على المستويات المحلية والوطنية والدولية”.
وتابع” أنه خلال القرن الماضي، شهد العراق العديد من نوبات الجفاف المتفرقة، ولكن في السنوات الأخيرة، حدثت فترات الجفاف هذه بشكل متكرر، وهو مؤشر قوي على التأثير السلبي للتغير المناخي، وكانت الحضارات السومرية والبابلية والآشورية موجودة على ضفاف نهري دجلة والفرات منذ آلاف السنين، وفي العراق الحديث يعتمد عيش الملايين من الناس على هذه الأنهار المهددة بالآثار السلبية لتغير المناخ وسياسات المياه في البلدان المجاورة لنا، ويعتبر نهرا دجلة والفرات شريان الحياة للعراق، في حين أن الأهوار هي جزء حيوي من الحضارة الإنسانية وهي بمثابة جانب رئيس في دعم الحياة في بلدنا، وكانت دائمًا العامل الأساسي في الحفاظ على التوازن البيئي ليس في العراق وحسب ولكن في المنطقة بأسرها”.
وأشار إلى، أنه” بالإضافة إلى الآثار السلبية لتغير المناخ والانخفاض الكبير في تدفق المياه عبر الحدود، فإن التطبيق غير الكافي للأساليب الحديثة لإدارة الموارد المائية والذي يعود في المقام الأول إلى اثني عشر عامًا من العقوبات الدولية على النظام السابق، والسياسات غير الملائمة، والصراعات المتتالية قد جعل البلد متأخرا عدة عقود عن المستويات الدولية للتنمية، ولقد ساهم الفشل في الاستفادة من التقنيات الحديثة، وتحسين مستوى أنظمة الري، وتحديث القطاع الزراعي في الوقت المناسب في تفاقم أزمة المياه الحالية بالعراق”.
وأكد، أنه” في الحاضر اليوم، يتحمل العراق وطأة تغير المناخ والظروف الجوية القاسية، بما في ذلك الفيضانات العادية، والجفاف، والعواصف الترابية، وارتفاع درجات الحرارة وهي خارجة عن إرادتنا، ولقد أدى انخفاض تدفقات المياه العابرة للحدود في نهري دجلة والفرات بسبب سياسات المياه في البلدان المجاورة إلى حدوث أسوأ أزمة مياه في تاريخ العراق الحديث، ويعتمد العراق بشكل أساسي على هذه الأنهار، وتؤثر سياسات المياه المتبعة في الدول المجاورة بشكل مباشر على سبل عيش ملايين العراقيين، مما يتسبب في الهجرة الجماعية وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد”.
وأشار رئيس الجمهورية إلى، أنه” من المتوقع أن تزداد احتياجات العراق من المياه في العقد المقبل بسبب النمو السكاني والتنمية الاقتصادية وآثار تغير المناخ، ومع ذلك تستمر مصادر المياه الأساسية (دجلة والفرات) في الانخفاض بسبب سياسات المياه في دول الجوار، وأن سلوك الدول المجاورة (تركيا وسوريا وإيران) في خطط المياه التشغيلية الخاصة بها يحد من تدفق المياه العذبة، من خلال بناء سدود التخزين، ومشاريع الري، وتحويل الهياكل الهيدروليكية مع تجاهل النتائج المدمرة لانخفاض تدفق المياه في العراق وتدهور جودتها بما في ذلك الآثار السلبية لملوحة المياه يجب معالجتها على الفور، وأدى تفاقم الجفاف إلى تهديد خطير لسبل عيش الناس واقتصاد الدولة في العراق، ويلقي بظلاله على الحياة والبيئة في المنطقة، مما يؤدي إلى تقليل المناطق الخضراء المتقلصة بالفعل في العالم، ويهدد التصحر الآن ما يقرب من أربعين بالمئة من العراق، البلد الذي كان يمتلك الأراضي الأكثر خصوبة وإنتاجية في المنطقة”.
ولفت إلى” أننا بحاجة ماسة في المستقبل إلى تعاون أوسع مع السلطات المائية والسياسية في البلدان المجاورة لنا، ولا سيما تركيا، وتشكيل لجنة دائمة تضم خبراء تقنيين وقانونيين، وإبرام اتفاقيات إقليمية على مستوى الحوض، وضمان آلية إنفاذ عملية تحت رعاية الأمم المتحدة، بما في ذلك إجراءات التشغيل في الوقت المحدد والكمية لضمان وجود حصص مياه كافية وعادلة للجميع، وستستثمر الحكومة العراقية في أنظمة ترشيح المياه ومعالجتها وتحسينها، بالإضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة على وضع خطط فعالة وقابلة للتنفيذ لإدارة موارد المياه وتقديم الخدمات من خلال التمويل المناسب وتحسين مشاركة القطاع الخاص”.
وتابع، أنه” بالإضافة إلى ذلك، سيستثمر العراق في برامج بحثية تركز على تأثير ندرة المياه فيما يتعلق بآثار الجفاف وتغير المناخ والتدفقات العابرة للحدود على كمية المياه ونوعيتها، وكذلك التأثير على المجتمعات الزراعية، وستركز سلطات المياه العراقية على إعادة تأهيل وبناء وتشغيل وصيانة محطات ضخ المياه في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى إعادة تأهيل أنظمة الري والصرف، باستخدام تقنيات أنظمة الري الحديثة لتحسين كفاءة استخدام المياه وتقليل الآثار السلبية لأزمة المياه”.
وبين، أن” استعادة الأهوار في العراق أمر بالغ الأهمية، بما في ذلك بناء البنية التحتية وتقديم الخدمات الأساسية، وتعالج الحكومة العراقية أزمة المياه من خلال بناء وتأهيل وتشغيل وصيانة السدود وقناطر المياه والخزانات ونظام توزيع المياه بما في ذلك المنشآت التي تستخدم نظام التحكم الهيدروليكي، وبناء سدود جديدة (في إقليم كردستان وكذلك الأجزاء الجنوبية والغربية من العراق)، ونقوم بإدخال إجراءات صارمة لحماية البيئة والتنوع البيولوجي والنظم البيئية ذات الصلة، ومنع التصحر من خلال التنسيق مع دول المنطقة للسيطرة على هذه الظاهرة الخطيرة”.
وأكد رئيس الجمهورية في خلاصة عن تحديات أزمة المياه في العراق، أن” العوامل المتعلقة بالمناخ مثل نوبات الجفاف المنتظمة والعواصف الترابية ودرجات الحرارة المرتفعة التي حدثت في السنوات الأخيرة خارجة عن إرادتنا، ويجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتقليل الآثار السلبية، بما في ذلك إنشاء البنية التحتية اللازمة لجمع وحفظ أكبر كمية من الأمطار، ويجب عمل الترتيبات مع دول الجوار من خلال اتفاقيات والتزامات لضمان حصة عادلة من المياه للجميع وخاصة خلال المواسم الزراعية”.
وأضاف، أن” العراق ينفذ خطة صارمة لإدارة المياه لتوفيرها وتقليل المخلفات، بما في ذلك تحسين البنية التحتية وإدخال أنظمة الري الحديثة، وتحديث قطاع الزراعة، وإيلاء اهتمام جاد لإنشاء إطار قانوني مناسب فيما يتعلق بإدارة المياه والسيطرة على النفايات”.
وختم رئيس الجمهورية كلمته، مناشداً الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات جادة لتقليل آثار تغير المناخ وفرض التعاون في مجال المياه العابرة للحدود لضمان التوزيع العادل للمياه”.