ترى هل باتت موازنة 2023 سياسية وأي تعديل برلماني عليها يخالف الدستور ام الكتل السياسية ذاتها باتت عاجزة للخروج بموازنة خدمية كما تريدها الحكومة من خلال التصويت عليها تحت قبة البرلمان ؟؟ ، والنقطة الجوهرية التي تبرز في مسار الخطر الذي يتهدد وجود الموازنة ومراوحتها بين الحكومة والبرلمان يعكس ضعفا في اداء عدم الثقة بين المعنيين بخروج موازنة تلقى دعم الجميع وتتبلور الى معالجات تقضي على الكثير من الجوانب المتلكأة والترهل في مسارات خدمية ومجتمعية ومشاريع لها علاقة بتطوير شبكات الكهرباء والمجاري وعموم المتقاعدين والسلم الوظيفي والتعليم وقطاع الصحة. فهل تستطيع الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني تجاوز السلبيات التي حدثت جراء غياب الموازنة ؟
أسباب غياب الموازنة
يتحدث المستشار المالي للحكومة العراقية الدكتور مظهر محمد صالح عن كيفية إدارة الدولة العراقية شؤونها الاقتصادية في ظل غياب الموازنة بالقول إن قانون الإدارة المالية النافذ كان بديلا استثنائيا مهما لتسيير شؤون المالية العامة في البلاد، مع غياب الموازنة العامة.
وأوضح في تصريح صحفي أنها سياسة مالية محددة تمارس من خلالها آليات الصرف داخل الاقتصاد العراقي بما يماثل المصروفات الجارية الفعلية التي صرفت بشكل متعاقب في العام السابق 2021، وعلى وفق قاعدة صرف 1/12 شهريا (بمعنى أن يتم اعتماد الصرف الشهري وفقا للموازنة العامة السابقة).
أدى غياب الموازنة لظهور تأثيرات سلبية على المواطن العراقي، يحددها الاقتصادي حيدر الربيعي في زيادة معدلات البطالة والفقر نتيجة تعثر الإنفاق الاستثماري داخل الموازنة، مطالبا بضرورة تضمين قانون الموازنة المقبل فقرات واضحة “تعالج ارتفاع البطالة البالغة 16.5% والفقر 25% من مجموع السكان البالغ أكثر من 40 مليون نسمة، والتضخم المرتفع إلى 12.3%، إضافة للحد من ارتفاع أسعار السلع المستوردة عن طريق دعم المنتج المحلي”.
من جهته اعتبر الاستشاري في السياسات العامة العراقية مناف الصائغ أن هناك تأثيرات حادة على الاقتصاد نتيجة غياب الموازنة، من خلال عدم إقامة الدولة مشاريع استثمارية جديدة في المحافظات، وعدم التمكن من إنجاز مشاريع البناء والإعمار في المحافظات التي كانت تحت قبضة تنظيم داعش الارهابي.
ولفت الصائغ إلى أن غياب الموازنة أدى لتوقف ترفيعات وعلاوات الموظفين، فضلا عن غياب تثبيت نفقات الدولة ووارداتها بشكل مدروس ومخطط له، بالإضافة إلى بقاء جزء كبير من المال العام غير مستغل بصورة صحيحة وارتفاع نسبة الانكماش في الأسواق العراقية.
برنامج الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني جعل على رأس أولياته دفع مسودة قانون الموازنة لعام 2023 إلى البرلمان، وبخصوص هذه الموازنة، فقد حددت ملامحها عضوة اللجنة الاقتصادية في البرلمان النائبة زينب جمعة الموسوي بأنها مقدرة بين 130 و150 مليار دولار، معتمدة سعر صرف برميل النفط الواحد بين 70 و75 دولارا.
وقالت الموسوي في تصريح صحفي ، إن موازنة 2023 ستختلف عن سابقاتها بوجود شق استثماري معتبر يتناسب مع البرنامج الحكومي الجديد للسوداني لتقديم الخدمات، إضافة لاعتمادها على القروض لتنفيذ مشاريع إستراتيجية محددة. وألمحت البرلمانية إلى وجود موارد جديدة للموازنة مثل مكافحة الفساد الذي يتوقع أن يوفر ملايين الدولارات، واستثمار السياحة وتنشيط الزراعة والصناعة والصناعات التحويلية وغيرها، في وقت كشفت فيه عن “تضمين الموازنة مخصصات البترودولار للمحافظات النفطية ، أما بشأن التوظيف، فلا تؤكد الموسوي في حديثها تضمينها حاليا في موازنة العام المقبل لغاية الآن، “لكن الأيام قد تُغيير من ذلك”.
أما الأكاديمي الاقتصادي في جامعة المعقل في البصرة الدكتور نبيل المرسومي فيرى أنه سيتم اختيار موازنة البرامج والأداء التي تهتم بتبويب موازنات الوحدات الإدارية لوظائف وبرامج رئيسية وفرعية يربط بينها وبين البيانات المالية، وهي تزود الإدارة العامة بوسائل القياس الدقيقة مثل كلفة الوحدة وقياس العمل ومعدلات الأداء.
ويوضح المرسومي في تصريح صحفي أن الموازنة تركز على تأثير الإنفاق الحكومي على المواطن من خلال تقديم الخدمات المختلفة وانعكاسها عليه وعلى الاقتصاد الكلي، وتركز أيضا على الأعمال والأنشطة التي تقوم بها الوحدات الإدارية، فيتم رصد المبالغ للبرنامج الذي تقوم به الوزارة وليس للوزارة ذاتها.
وختم المرسومي حديثه منتقدا الموازنة العامة العراقية بشكل عام، قائلا إنها تُركز على تحقيق الإيرادات المالية دون الاعتبار للتخطيط المتوسط أو طويل الأجل، ولا يتم تقيم العوامل الإنتاجية والنفقات العامة بسبب عدم التركيز على الاستخدام الأمثل للموارد المالية.
في الأثناء دعا النائب عن ائتلاف دولة القانون محمد سعدون الصيهود قادة الكتل السياسية الى ابعاد قانون الموازنة الاتحادية عن التخندقات والمزاجات السياسية التي تعطل عجلة التقدم في البلاد .
وقال الصيهود في بيان صحفي اليوم الاحد ، ان : قانون الموازنة الاتحادية يعد من اهم القوانين في البلد والتي يجب ابعادها عن المشاكل والازمات السياسية على اعتبار انها تمثل عصب الحياة للعراق وشعبه وان تعطيلها او مساومتها يعد خيانة كبرى للبلد الذي هو بامس الحاجة الى التنمية والتطوير والخدمات “.
واضاف ” على قادة الكتل السياسية ابعاد قانون الموازنة الاتحادية للسنوات الثلاث القادمة عن كل التخندقات والمزاجات السياسية التي تحاول من خلالها بعض الكتل تمرير قوانين اخرى هي ليست باهمية الموازنة لذلك فعلى الكتل السياسية تغليب المصلحة العامة للبلد على المصالح الشخصية والحزبية والمكوناتية “.