المسرى : فؤاد عبد الله
عقدان من الزمن مرَّ على سقوط النظام البعثي الدكتاتوري المقبور، حين دخلت القوات متعددة الجنسيات مدينة بغداد في الـ 9 من نيسان 2003، وقامت بتطهير المدينة وجميع مدن العراق الأخرى من براثن البعث الذي حكم العراق بالحديد والنار لأكثر من ثلاثة عقود.
وبعد مرور 20 عاما على سقوط النظام البائد، يا ترى هل تحققت جميع الأحلام المشروعة للعراقيين؟ وهل تمكن العراقيون وساسته من إرساء قواعد الديمقراطية في البلاد والتأسيس لحكم رشيد؟ وهل تمكنت الحكومات المتعاقبة على السلطة من تقديم كامل الخدمات وبناء اقتصاد قوي ومتين؟
تصحيح العملية السياسية
رئيس جبهة الحوار الوطني الدكتور صالح المطلك أشار للمسرى إلى أن ” الأحزاب السياسية وبضمنها جبهة الحوار لم تستطع بعد 20 عاما من إسقاط النظام على تصحيح العملية السياسية ، بدليل مضي ربع قرن والبلد في تراجع،” مبينا أنه ليس هناك شيء أسم بناء بدليل كل الصروح الموجودة يرجع بنائها إلى ما قبل 2003، وليس هناك على سبيل المثال مشروع زراعي أو صناعي كبير أو استراتيجي تم تطويره، أو حتى إصلاح للمؤسسات”، مؤكدا أنه ” ليس هناك أي أمل للشباب أو المجتمع بغد مشرق، وبالتالي يتفائل ويبدأ بالعمل والكفاح من أجل صالح البلد”.
مجتمع بعيد عن الديمقراطية
ومن جانبها قالت الأكاديمة والباحثة في الشأن السياسي الدكتورة ندى النعيمي للمسرى إنه ” بعد عشرين عاما من إسقاط الدكتاتورية تبين أن الديمقراطية ليست شيئا مكتسبا أو مفروضا على المجتمع وإنما هي بحد ذاتها من الفطرة، وبدليل أن المجتمع الذي لا يتربي على الديمقراطية لا يستطيع أن يعمل على إرساء أسس الديمقراطية”، لافتة إلى أن ” الأنظمة الغربية حين نقارن أنفسنا بها يجب أن نتذكر أنها مرت بقرون من الفوضى والاقتتال قبل أن تصل إلى هذه المرحلة من الديمقراطية”.
الديمقراطية فرضت
ونوهت النعيمي إلى أن ” العراق بعد سقوط البعث في 2003 لم يكن يألف أي شيء بإسم الديمقراطية، وأنها على غفلة فرضت عليه ولم يكن مهيأ لها لا فكريا ولا عقليا ولا حتى اجتماعيا، على الرغم من الآليات والقواعد الديمقراطية الصحيحة التي وضعت للانتخابات البرلمانية بكل حذافيرها، ولكن تطبيقها على أرض الواقع كان غير صحيحا أو خاطئا
الشعب يعيش الحيف والقهر
وبدوره أشار المحلل السياسي الدكتور جاسم عبد علي للمسرى إلى أن ” لكل بلد زمنين، زمن رخاء وزمن عسر، النظام السابق انتهى بكل سلبياته ومساوئه وإيجابياته، ولكن الذي مر به الشعب العراقي كان الظلم والحيف والقهر”، مؤكدا أن” المواطن العراقي كان ينتظربعد سقوط البعث بعد 2003 أن يعيش مرحلة الرفاهية والإزدهار والعيش الرغيد والأمان وأن المواطن بدل أن يكون درجة أولى أو ثانية أصبح في ظل العهد الجديد درجة ثالثة، وليس ببعيد أن يصبح أغلب أبناء الشعب العراقي درجة رابعة، ولن يبقى شيء اسمه مواطن درجة أولى”.
الشعب منهار اقتصاديا
وأوضح علي أن ” التكلم عن الديمقراطية هو شيء من الخيال، صحيح نحن نتكلم ونعبر عن آرائنا وتوجهاتنا بكل حرية بخلاف العهد البائد، ولكن هذا ليس معناه أن لنا ديمقراطية كاملة، نحن اليوم كمواطنين منهارون اقتصاديا، وأغلب الشعب العراقي يعيش حالات فقر وعلى درجات، أصبحنا أرواح فقط في أجساد، وهذه الحال تنطبق أيضا على الواقع السياسي التي أصبح مع الأسف كلها شكليات وإعلام وصور باهتة”، مؤكدا أن ” الحكومات المتعاقبة على السلطة منذ 2003 وإلى اليوم لم تستطع أن تؤسس لا لدولة مؤسسات ولا بنية اقتصادية قوية ومتينة”، مستبعدا في الوقت ذاته عدم قيامهم ببناء دولة قوية ومتينة قادرة على التغلب على جميع الصعاب.
خيبة أمل المواطنين
ومن جانبهم أعرب المواطنون عن خيبة أملهم من ضعف الخدمات المقدمة إليهم من 2003 ولغاية اليوم ومن كل النواحي سواء المتعلقة منها بالكهرباء والماء والطرق والجسور والعمران والبناء وتوفير فرص العمل، مؤكدين أنه فوق الخراب والدمار الذي كان موجودا قبل 2003 إزدات المعاناة أكثر حتى وصل الأمر إلى إعلان بعض المحافظات مناطق منكوبة.
إهمال الحكومات
ويبدي المواطنون من أغلب المدن العراقية امتعاضهم من عدم إلتفات الحكومة والجهات المعنية لمعاناتهم، على الرغم من رفع الشكاوى والخطابات للجهات المسؤولة ، ولكن كما يقولون من دون جدوى، منوهين إلى أنه فوق كل المصاعب والمعاناة التي يعانون منها، أضيفت إليهم مشكلة أخرى ألا وهي غلاء المعيشة وسعر الصرف، مستغربين من أن بلد الخيرات والنفط يعيش أبنائه تحت خط الفقر والعوز والحرمان.
التاسع من نيسان يوم تاريخي
وبعد مرور 20 عاما ، لا يزال التاسع من نيسان 2003 يشكل يوما مفصليا في تاريخ العراق الحديث، كونه أنهى حقبة من الدكتاتورية كانت جاثمة على مقدرات العراق أرضا وشعبا ونهايتها كانت حلما لكل عراقي يريد الخير والسلام لبلده، ودون شك بدأت مرحلة بناء الدولة الجديدة بنموذج جديد وأدوات مختلفة بمساعدة الأصدقاء والحلفاء.