تحتوي العديد من المواثيق الدولية على مواد و بنود تكفل الحق في حرية الرأي والتعبير، ومجرد النص على ضرورة حماية هذا الحق يبين مدى أهميته، حيث يعتبر من صلب الحقوق الأساسية التي يجب مراعاتها وضمانها، خاصة وأن هناك حقوق أخرى تعتمد عليه.
وبات من الطبيعي ان تنص الدساتير على الحق في حرية الرأي والتعبير ، ونصت معظم التشريعات العربية على حرية الرأي والتعبير فعلى سبيل المثال ورد في المادة 48 من الدستور المصري “حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، والرقابة محظورة، وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور ويجوز استثناء في حالة الطوارئ، أو فرض الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة في الأمور التي تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومي وذلك كله وفقا للقانون.
وقبل تناول هذا الحق تجدرالاشارة الى ارتباطه بحق الرأي والتعبير ويعد الحق في حرية الرأي والتعبير من حقوق الإنسان الأساسية التي لا تقوم قائمة أي نظام ديمقراطي بدونه، حيث يعني تمتع الأشخاص بالحق في اعتناق الآراء والأفكار والتوجهات التي يريدونها، دون تعرضهم لأي ضغط أو إكراه، إضافة لقدرتهم على التعبير عن هذه الأفكار والتوجهات، باستخدام شتى الوسائل، ودون وجود أي تهديد خارجي، يحد من حرية التعبير ونقل الأفكار والمعلومات بكل حرية.
بالطبع ان المخاطر التي يتعرض لها الصحفيون تضعف من ضمانات تفعيل هذا الحق ومن ثم كان توفير الحماية للصحفيين اثناء حصولهم على المعلومة ضمانة هامة في طريق كفالة هذا الحق. كما ان قوانين سرية المعلومات والرقابة الشديدة عليها تعمل على اغتيال الحق في الوصول إلى المعلومات والحصول عليها.ويتضافر مع ذلك لامحاء هذا الحق الممارسات البيروقراطية المزعجة التي تصبح حائلا بين الفرد وحقه في عرض المعلومات واتاحتها له وهذا التضييق يرتبط بانتشار الفساد على نطاق واسع وانعدام الشفافية الضرورية لكل عملية تبادل وحصول على المعلومات ويزيد الطين بلة تحجج الحكومات بفرض احكام الطوارىء اثناء الازمات-التي يبدو انها جوهر حياتنا الطبيعية- مما يؤدي الى اهدار حق الفرد وتعليق حرياته على حائط الانتظار اللانهائي كأنها شعار تزييني فحسب.
وينبغي ان يتوفر للاعلاميين بشكل عام هامش كبير من الحرية في الحصول والوصول الى المعلومة ومن ثم نقلها الى الراي العام المحلي او الدولي وبدون ذلك تبقى الكثير من الحقائق في طي الكتمان ويبلغ التستر على الجرائم والانتهاكات اقصاه لا سيما في تلك الاماكن المقفلة والمعزولة عن الرأي العام العالمي.
ومن أهم المواثيق الدولية التي كفلت هذه الحقوق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. حيث أكدت المادة (19) منه بشكل خاص على أن ” لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود والجغرافية”.
وأكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي أقر من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1966، على نفس الفكرة، حيث نصت المادة (19) على أن:
-لكل إنسان حق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب أو بأية وسيلة أخرى يختارها
-تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:
-لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم
-لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.
ذلك فان على الصحفي مهمة ان يتحرك داخل دائرة الحق او نطاقه المكفول بما يضمن الموائمة بين متطلبات حماية الحق في حرية التعبير ومقتضيات حماية الأمن الوطني وهي مهمة قد تتركه عرضة للمخاطر ولسوء تقدير الدول –لا سيما في العالم الثالث-ولسنا بحاجة للتأكيد بان حرية التعبير والرأي وحرية الصحافة ووسائل الاعلام لن تكون سوى تعبير خاو دونما تأكيد على الحق في الوصول الى المعلومات والحصول عليها وما يحدث غالبا-وعلى صعيد عملي- هو اهدار الحق الوارد هنا بوضع العقبات دون الوصول الى المعلومات والحصول عليها.
ويبقى الامر مرهونا بنوع الحكومة التي تستظل بشرعية هذا الدستور مما يعني ان الواقع العملي هو الحكم الفاصل في تطبيق الحرية التي يكفلها الدستور ووعي الناس بحقوقهم المكفولة وهو ما يتطلب نشر ثقافة قانونية وتعميق وعي الناس بحقوقهم المكفولة قانونا وهو الامر الذي يضع المسؤولية على الاعلام والصحافة في المساهمة في هذه التوعية.