الكاتب.. محمد يونس محمد
شكلت السياسة العراقية ما بعد 2003 منعطفات عدة, جعلت تلك السياسة تدور في افق زمني دائري, وبالرغم من الدورات الانتخابية بقت ازمة الواقع تستمر بلا علاجات فاعلة, حتى بدت جميع المحاولات فاشلة,وأن صدقت فيها النوايا, لكن كانت هي لا تمتلك قدرة لمعالجة واقع مرير, ربما لا يجدي معه غير عصا موسى, حيث نسبة التعقيد عالية جدا, وثمة فارق بين الاشكل وسبل المعالجة واسع جدا وعميق ايضا, وصارت السياسة بين فشلها في ايجاد حل وبين سعيها في تمشية الامور حسب المستطاع, ومن البداية كان هاجس الفشل يصاحب كل عقلية سياسية, لذا لجأ البعض الى اغتنام الفرصة بالقدر الممكن, فيما البعض الاخر وجد عليه الاستمرار والمحاولة, وتباين النشاط والجدوى والغاية والقصد, وكون الوضع الامني لا استقرار شكل بدوره احد المعضلات العصيبة, وتوالت حكومة تتحمل نواقص ما سبقتها, وعقبت حكومة بهدف التغيير وتحسين الوضع, كما ما قد سبقتها التي كانت تحمل الهاجس والنفس والغاية, حتى بلغت البلاد الحكومة الحالية.
لقد مر العراق على مستوى الواقع السياسي بمرحلة في غاية التعقيد, حيث تتجه الحكومة الى اكثر من مسار غير مجدي, ويتوافق معها البرلمان في نشاطه الدستوري المرتبك, ففقدت القوانين ذلك المستوى المطلوب والمتصل بكيان المجتمع, والغريب لم نلمس قوانين فاعلة بالشكل المناسب, وكذلك لم نشهد القوانين الرادعة للفساد, ومن الطبيعي هناك اشكال عظيم, حيث البرلمان من التعدد الحزبي الهائل, والذي هو خارج نسب الاعراف السياسية في العالم, فنسب الكيانات السياسية الكبير هذا ازاء الفساد لا يستطيع امتلاك قدرة حازمة, فلجنة برلمانية رئيسها من ذات حزب الوزير الفاسد, وكان من المفروض وجود جبه احزاب في البرلمان وجبه احزاب اخرى في الحكومة, وبالرغم من الاداء الافضل في هذه الحكومة لا زال البرلمان بذات الصورة الرتيبة, ومؤكد المتتبع يلمس ذلك الصراع المتستر ما بين البرلمان والحكومة, ومن المفروض الحكومة التي نزلت الى الشارع بنسبة مقبولة تجد الدعم المناسب من البرلمان.
في التفسير الموضوعي تعتبر حكومة السوداني التي انتخبت بصيغ شرعية وقانونية حكومة واقعية بامتياز, واما على صعيد الخلل فأن اهم حكومات العالم في فرنسا تواجه وضعا صعبا من الرضا والقبول, وقامت حكومة السوداني بالتوجه في نشاطها العملي في عدة محاور, وعلى صعيد النجاح هناك نسب مقبولة, حيث على صعيد العلاقات الخارجية بدأ العراق يحتمل موقعا مهما, حيث قام ماكرون رئيس وزراء فرنسا بزيارة اقتصادية الى العراق, وكما شكلت العلاقات السياسية التطور النوعي في عدة جوانب, وصراحة العراق قد استعاد عافيته نسبيا, فهناك عدة معامل للغاز انجزت, وتلك قفزة نوعية في افق الانتاج, واصبح العراق اليوم المنجم الاهم في هذه المرحلة, وقد انجذبت له الدول الكبرى للتعاون الاقتصادي المشترك, بعدما كانت في حدود دول الجوار.
يمثل العراق اليوم اهم التطلعات الكبرى, فقد ارتفع منسوب المكانة الدولية, وصار للعراق مكانة مهمة, وعلى صعيد المعضلات الداخلية حكومة السوداني توجهت نحو الافق الإنساني الى حد اكثر مما كان عليه سابقا, فهي قد اعادت العمر التقاعدي الى ما كان عليه, ولأول مرة تشهد الكهرباء تحسنا نسبيا, حيث الحكومة تفكر بذلك بجدية تامة وبصورة واقعية, وعلى صعيد الفساد بدت الحكومة حريصة على العمل بجد, وقد استطاعت أن تعيد اغلب مبلغ سرقة القرن الى الخزينة العراقية, لترفع رصيد العراق المالي, الى الحد الذي استوعب السنة المالية لثلاث سنوات على التوالي, واستطاعت مواجهة ازمة الواقع المادي بحزم.
نقلا عن المدى