القى رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، اليوم الأحد25 حزيران 2023 في مقر وزارة الموارد المائية محاضرة عن أزمة المياه.
وعقد الرئيس وفق / بيان مكتبه الرئاسي / تلقى المسرى نسخة منه ، اجتماعا مع وزير الموارد ، جرى خلاله استعراض الإنجازات المتحققة والتحديات التي تواجه عمل الوزارة، حيث استمع الرئيس إلى شرح قدّمه الوزير عن حجم الجهود والأعمال التي تؤديها ملاكات الوزارة من أجل تأمين المياه والمحافظة عليها.
وأشار الرئيس رشيد في محاضرته إلى دور المياه كعنصر أساسي في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية في جميع أنحاء العالم وفي العراق، حيث نشأت أولى الحضارات السومرية والبابلية والآشورية على ضفاف نهري دجلة والفرات قبل آلاف السنين، مؤكداً أنه ولأجل فهم ما يحمله المستقبل للعراق علينا أن ننظر إلى السياسات المائية والتحديات التي تواجهه في استثمار الموارد المائية.
وتطرق إلى مجموعة نقاط أسهمت في نشوء أزمة المياه الحالية ومنها التغير المناخي وتصرفات دول الجوار، فضلاً عن إدارة المياه في العراق.
وحث رئيس الجمهورية على ضرورة تشكيل لجنة دائمية تتولى إجراء المفاوضات واللقاءات مع كل من تركيا وسوريا وإيران، كما شدد على أهمية تكثيف حملات التوعية والإرشاد الإعلامية لتسليط الضوء على أزمة المياه والحلول والمعالجات الممكنة، مؤكدا أن رئاسة الجمهورية تعمل على تأسيس المجلس الأعلى للمياه.
نص محاضرة رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد التي ألقاها في ديوان وزارة الموارد المائية:
وزارة الموارد المائية من أهم مؤسسات الدولة العراقية وأنا فخور باستلام مسؤوليتها بعد الرجوع من الخارج عام 2003، وأنا فخور كذلك بالانجازات التي تحققت في الماضي، وبهذا الصدد أشكر قيادات الوزارة وموظفيها والعاملين لتقديمهم أقصى مجهود ممكن في محاولة التغلب على أزمة المياه، وأتمنى التوفيق والنجاح للجميع خدمة لشعبنا وبلدنا.
الماء أهم عامل في الحياة ويلعب دوراً اساسياً في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية في جميع انحاء العالم وكذلك الحال في العراق حيث نشأت أولى الحضارات السومرية والبابلية والاشورية على ضفاف نهري دجلة والفرات قبل آلاف السنين ورافق تلك الحضارات انشاء أولى المنشآت الهيدروليكية والسدود وقنوات الري وسن القوانين التي تنظم استخدام مياه الانهر . لقد كان الماء ولايزال مهماً في تأريخ العراق وتنميته ولأجل فهم مايحمله المستقبل للعراق علينا ان ننظر الى السياسات المائية في العراق والتحديات التي تواجهه في استثمار الموارد المائية.
نتيجة لسياسة النظام السابق الى قبل 2003 والدخول في صراعات داخلية وحروب اقليمية ودولية والحصار الاقتصادي اضافة الى عدم تخصيص المبالغ اللازمة لاعمار البنى التحتية وتنفيذ المشاريع التنموية وغياب الاستراتيجيات الواضحة للنهوض بالواقع الاقتصادي والتنموي في البلاد ادى ذلك الى تردي كبير في القطاعات الخدمية المختلفة كما ان القرارات في المشاريع الستراتيجية الضخمة كانت بدوافع سياسية اكثر من كونها حلولاً فنية وكانت معايير المشاركة العامة والتحليل الاقتصادي مهملة في عملية صنع القرار الامر الذي حمل معه تأثيرات سلبية كبيرة على الواقع الاقتصادي والتنموي في البلاد.
ان عدم تطبيق الطرق التكنولوجية الحديثة في ادارة الموارد المائية ادت الى تخلفها عن التطور. كما حرم الحصار والعقوبات الاقتصادية المهندسين والعلماء من فرص التعاون ونقل التكنولوجيا الحديثة، وبالتالي ورثنا تركة ثقيلة من التخلف والاهمال في المجالات كافة ومنها الموارد المائية وهذه بحاجة الى فترة زمنية طويلة وتخصيص مبالغ كافية من الميزانية الاستثمارية للدولة للنهوض بهذا القطاع الحيوي المهم.
لم تمتلك وزارة الري سابقا اعداداً كافية من المكائن والاليات الضرورية لانجاز المشاريع والاعمال في المجالات الاروائية المختلفة. وبعد التغيير سعت وزارة الموارد المائية الحالية الى التعاقد واستيراد عدد كبير من الاليات والمعدات الحديثة ومن مناشئ عالمية معروفة لتحسين الوضع المائي في العراق خاصة فيما يتعلق بمعدات حفر الابار المائية وطواقم الضخ ومكائن قطع الاعشاب المائية ومعدات كري الانهر ومختلف الاليات الاخرى حيث كان لدى الوزارة ماكنتين فقط للتحشية في سد الموصل وبعد فترة وصلت الى (36) ماكنة تحشية جديدة تعمل في الموقع اضافة الى عدم امتلاك الوزارة الى اي كراءة حديثة سوى عدد محدود من الكراءات القديمة والمستهلكة وصل عددها الى (58) كراءة حديثة مختلفة الاحجام بالرغم من ان الحصول على مثل هذه المعدات التخصصية (الكراءات) يحتاج الى وقت طويل ومبالغ طائلة.
لقد مرت على العراق سنوات شحيحة متعاقبة منذ العام 1933 وكان الاسوأ فيها تعاقب ثلاث سنوات مائية هي 1999 و 2000 و 2001 والآن تتكرر الشحة المتعاقبة منذ العام 2008 والعام الحالي ماتؤشر هذه الحالة تأثير ظاهرة الانحباس الحراري الذي يشهده العالم على ندرة سقوط الامطار والتغيير المناخي .
لقد أسهمت عدة عوامل في نشوء أزمه المياه الحالية وكان لها تأثيرها الكبير على الموارد المائية في العراق .
العامل الاول التغيير المناخي والاحتباس الحراري الذي ادى الى ظاهرة الجفاف وشمل منطقة الشرق الأوسط برمتها وليس العراق فقط مما نتج عنها تناقص كبير في كمية سقوط الامطار والثلوج وتدني واضح في الايرادات المائية لنهري دجله والفرات وروافدهما، ومن الضروري الاستفادة من مياه الأمطار والثلوج عن طريق تجميع المياه وبناء السدود والخزانات لهذا الغرض.
العامل المهم الآخر هوتصرفات دول الجوار والمقصود بها الخطة التشغيلية المائية لتركيا وسوريا وايران ومن الجبال في تركيا عبر سوريا ومن جبال ايران دون حواجز أو سدود حتى أوائل السبعينات من القرن الماضي حين قامت دول الجوار بإنشاء السدود التخزينية والمشاريع الاروائية ومازالت مستمرة في انشاء المزيد منها من دون الأخذ بنظر الاعتبار مايترتب من نقص في الواردات المائية القادمة الى العراق وتدهور نوعيتها حيث توجد عدد من السدود المقامة على نهر الفرات داخل تركيا وسوريا ومن خلال خططهما يمكن السيطرة على كميات المياه الواردة اليها وخزنها أما بالنسبه لروافد نهر دجلة فأن ايران قامت بإقامة منشآت على الروافد، كرافدي الوند والكرخة وتحويل مجرى نهر الكارون الذي يغذي شط العرب الى داخل الاراضي الايرانية مما ادى الى ارتفاع نسبة الملوحة بشكل كبير في شط العرب وتأثر الاراضي الزراعية ونوعية مياه الشرب في محافظة البصرة نتيجة اعطاء مجال للمد الوصول الى مدينة القرنة والفاو أحيانا لعدم وجود قوة دافعة للمياه المالحة.
العامل الثالث يتعلق بادارة المياه داخل العراق، فسوء التخطيط في السياسات السابقة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة وحتى قبل وبعد سقوط الدكتاتورية وكذلك الحصار الاقتصادي على العراق ادت الى تعطيل العملية التنموية وتردي الخدمات في القطاعات المختلفة ومنها قطاع الموارد المائية وعدم وضع خطط واضحة لاستخدامها وعدم اهتمام النظام السابق بمشاريع الري واصبحت الاراضي غير صالحة للزراعة وأهمل تنفيذ العديد من المشاريع التي كان من الممكن تنفيذها في العهد السابق والاستفادة منها، كما أهمل وضع الخطط اللازمة لصيانتها وحسن تشغيلها ومعظم تلك المشاريع التي أقيمت في البلاد تحتاج الى صيانة والى تطوير.
لقد كانت الاستراتيجية المعدة من قبل وزارة الري في النظام السابق هي لغاية العام 2000 والآن تم تعديلها الى عام 2035 ومن الطبيعي ان مثل هذه الاستراتيجية تحتاج الى وقت وجهد وهي بمثابة السياسة المستقبلية للوضع المائي في العراق بشكل متكامل لتنفذ من قبل الشركات الاجنبية والتي تتضمن المتغيرات التي تحصل في المنطقة والعالم وعلى الخطة التشغيلية لدى دول الجوار وزيادة الاستثمار في تطوير الموارد المائية وذلك بانشاء السدود الكبيرة والصغيرة والمشاريع الاروائية والتي يتطلب تنفيذها لزيادة وتنظيم ارواء المشاريع القائمة والمستقبلية واستصلاح الاراضي وادخال الطرق الحديثة في الري (الري بالرش والتنقيط) في العديد من المشاريع الاروائية اذ أن هذه الطرق تؤدي الى توفير المياه والتي نحن باشد الحاجة اليها في ظروفنا الحالية والمستقبلية، كما تعمل الوزارة الان وفي الخطط الاستثمارية القادمة بتحسين شبكات الري والبزل وتبطين القنوات الترابية وجعلها مبطنة مما يقلل الفاقد المائي وعدم التبذير في استعمال المياه وبخاصة وان العراق يواجه شحة في الموارد المائية.
الاقتراحات المستقبلية في مشاريع تنمية الموارد المائية