کتاب (دراسات نقدیة مقارنة)
و السعي الی عالمیة الأدب الکوردي
د. ژینۆعبدالله
عندما أکون مجبرا علی البقاء في البیت بسبب الحر الشدید في خضم شهري تموز وآب، أي فترة العطلة السنویة لتدریسیي الجامعة، أغتنم فرص أوقات الفراغ کلما تسنت لي لأتفقد کتبي المرصوصة في رفوف مکتبتي بین الفَينَةَ والأخری لأنتقي منها کتابا لم أقرأه بعد سواء کان أدبیا أم علمیا لألبي حاجتي للقراءة وعدم ترك الکتاب دون أن أقرأه أو أطلع علی ما فیه من عنوانین ومواضیع قد تشدني الی قراءته عندما لا أکون متحمسا لرحلة جدیدة من رحلات قراءاتي المتواصلة منذ سنین عدیدة.
وهکذا کان الأمر في زیارتي الأخیرة لمکتبتي الزاخرة بالکتب ما قرأت منها وما لم أقرأ، حیث کنت محظوظا بوجود كتاب قيم یعد مصدرًا مهمًا من المصادر المتخصصة في الأدب العربي عموما والدراسات العليا علی وجه الخصوص ألا وهو كتاب (دراسات نقدية مقارنة) للناقدين والاکادیمیین المرموقین ( أ.د.ظاهر لطيف كريم) و (أ.د. نيان نوشيروان فؤاد مستي) وهو من منشورات مطبعة دار سردم للطباعة والنشر لعام ٢٠١٠.
وقبل الحدیث عن مضمون الکتاب وأهم المواضیع المطروحة فیها، أود أن أجدد شکري وتقدیري وإمتنناني لکل من أستاذي الفاضل د.ظاهر کریم وأستاذتي الفاضلة د.نیان نوشیروان لما قدماه لي و للآلاف من الطلاب علی مرعقود من التدریس حیث کنت من المحظوظین بفرصة تلقي دروس العلم والمعرفة وأسلوب البحث العلمي والکتابة من الأستاذین الجلیلین في مجال إختصاصي في مراحل البكالوريوس والماجستیر والدكتوراه في قسم اللغة العربیة والتعرف علی توجهاتم الفكرية والنقدية وسعیهما الدٶوب لتقديم کل ما هو جديد وحداثوي في المجال النقدي. وفي هذا الصدد یمکنني القول أن الناقدين يبحثان في الأمور والمفاهیم والمصطلحات النقدية والفكرية الحديثة التي لم یتم التطرق إلیها من قبل نقاد آخرين. فضلا عن أنهما یسعیان علی الدوام في مجال الإشراف علی طلبة الدراسات العلیا لنیل شهادتي الماجستیر والدکتوراه، الی إقتراح عنوانین بحثیة رائدة ومتفردة من خلال أجدد المناهج النقدية وأحدث مصادرها وذلك في سبیل خدمة الأدبین الکوردي والعربي بلغة الضاد تماما کما هو جلي في کتابهما الذي إرتأیت أن أقدم لمحة عنه عسی أن ینفع القراء من طلبة ونقاد وباحثین أو أن یتخذوه مصدرا بأنفسهم في کتاباتهم النقدیة ومشاریعهم البحثیة کل حسب مبتغاه.
یعد الكتاب مرجعا اكاديميا مهما للباحثين وطلاب الدراسات العليا في مجال الادب المقارن، حيث يحتوي على ١٤ بحثا اكاديما رصينا والأهم من ذلك كما عودنا الباحثان أن عناوين البحوث جمیعها هي من العناوین الجديدة والحداثوية حتي أن البعض منها لم يدرس عند النقاد العرب وهي کالآتي:
(التقابلات في الادب المقارن، فعل التوازي في الادب المقارن، الموقف بين القصة الانكليزية- العربية- الكوردية، الشعر التموجي (دراسة مقارنة)، التحايل النصي، استراتيجية التعقيد واللاتعقيد في النص الشعري، الرومانسية النسبية، القراءة النسقية للعقل الكلاسيكي والطبيعة الرومانسية، الكتلة والوزن، المحایثة في شعر صلاح عبدالصبور، ايقاعية اللون والظل في الشعر، علائقية الفجوة وآفاق التوقع، وردورث ومقصدية الخطاب السياسي).
یمکن القول بأن الأدب المقارن یکتسب أهمیة کبیرة للأدب الكوردي بغیة إضفاء طابع العالمية علی هذا الأدب. واذا نظرنا في نموذج من الجانب التطبيقي للبحوث الواردة في الكتاب المنشود و قرأناه نجد دائما شاعرا عربيا بجانبه شاعرا كورديا وعلی النحو ذاته هناك في نموذج النص الشعري بجانب أبیات الأشعار العربیة أبیات شعریة للشعراء الکورد التي تتصف نتاجاتهم الشعریة بالبلاغة والجمال والقوة التعبیریة أمثال بيرميرد و كوران وشیرکو بيكةس كما هو الحال عند السياب و نزار قباني والشابي وعلي محمود طه و اُمْرُؤُ القَيْس ونازك الملائكة واحمد شوقي بالاضافة الى شعراء الادب الانكليزي .
يقول الباحثان في مقدمة كتابهما:”كما نعلم ان كوردستان منذ فترة طويلة كانت تحت تأثير الثقافات العربية والفارسية والتركية وبدأت فيما بينها المزاوجة الفكرية والعقائدية والثقافية والادبية.هناك تصور بان معيارية الادب والشعر الكوردي هي مأخوذة او متطابقة بمعايير الأدب المذكورة الا ان الدراسات المقارنة تبين مدی الاختلاف فيما بينها في البناء والوظيفة والاستخدام. فهذه الاستقلالية الثقافية لم تأت عبثا اوعشوائيا بل بحاجة الى مجموعة من العوامل منها:
– الاستفادة من تجارب الشعوب المختلفة وبخاصة القريبة منها وذلك من اجل تكوين كيان ادبي مستقل.
– بث الحيوية بصورة متفاعلة مع الآداب الاخرى مع الاحتفاظ بالاصالة الداخلية.
– المقايسة التعبيرية والمضمونية بينه وبين الآداب الاخرى من اجل التشابهات والاختلافات”.
ان قراءة الكتاب ضروري لكل باحث خصوصا الاكاديمیین في مجال الدراسات العليا للادب، لانه كتاب منهجي اكاديمي من حيث التنظير والتطبيق للادب المقارن.
وختاما، أهنیء الناقدین الاكاديميین لجهودهما العلمية المبذولة في خدمة الادب الكوردي و العربي.