المسرى .. متابعات
أكد الصحفي المختص في البيئة من إقليم كردستان المقيم في كندا خالد سليمان ، ان ” حل الأزمة السكانية في العراق تتطلب اتخاذ إجراءات فورية وشاملة على مستويي الدولة والفرد.
وقال سليمان في تقرير نشر له في موقع ” فكرة ” انه ” في غياب تلك الحلول، سنخاطر بإلحاق ضرر كبير بأجيال المستقبل”.
ولفت ، الى ان ” مدينة الصدر تعد المنطقة الأكثر اكتظاظًا بالسكّان في العاصمة بغداد إذ يبلغ عدد قاطنيها حوالى ثلاثة ملايين نسمة في بقعة تقلّ مساحتها عن 30 كيلومترًا مربعًا. وتدفع غالبًا محدودية الدخل ونقص المساكن عائلات عدّة إلى مشاركة منزل واحد، كما تسبب الاكتظاظ بضغط هائل على البنية التحتية, ما أدى بالتالي إلى شحّ مزمن في المياه وتدهور شبكات الصرف الصحي. وتنعدم أيضًا الفرص الاقتصادية وتنتشر البطالة والفقر في أرجاء المنطقة. ولكن على الرغم مما يتسبب به الاكتظاظ السكاني من ضغوط واضحة، ما زال عدد سكان مدينة الصدر يزداد بوتيرة مقلقة، وتسجل المنطقة بعض أعلى معدلات الزواج المبكر وتعدد الزوجات والولادات خارج إطار الزواج.
واستند سليمان الى دراسة أجرتها “جمعية نساء بغداد” ومنظمة “ميرسي كور” قدرت ، ان 10 في المئة من سكان مدينة الصدر تزوجوا قبل بلوغ السن القانوني المحدد بـ18 عامًا، كما تشير إلى أن نسبة تعدد الزوجات تبلغ 20 في المئة”.
وتجدر الإشارة إلى ، ان حالة مدينة الصدر من ناحية الكثافة السكانية ليست استثنائية، إذ يمكن إيجادها أيضًا في مناطق سكنية عشوائية في البصرة وجنوب العراق ومدن أخرى.
ويعتبر الكثيرون الزواج والإنجاب على أنهما من المسائل الشخصية جدًا، إلا أن هاتين الظاهرتين الاجتماعيتين تتركان آثارًا بليغة على تنمية مجمل العراق ومستقبله. ففي بلد يواجه بالفعل صعوبة في توفير السكن والغذاء والتعليم لمواطنيه، لن يؤدي ارتفاع معدل الولادات إلا إلى تفاقم المشاكل التي تواجهها الحكومة.
في هذا الإطار، يشير محللون إلى أن عدد سكان العراق سيرتفع بمقدار مليون نسمة سنويًا. وفي الواقع، سجلت وزارة التخطيط العراقية 1258028 مولودًا حيًا في العام 2020، ومن المتوقع أن يصل عدد السكان إلى 80 مليون نسمة بحلول العام 2050، الأمر الذي يضع العراق على حافة هاوية اجتماعية- بيئية.
وتؤكد أيضًا مصادر أخرى توقعات الحكومة المقلقة، ومنها شعبة السكان التابعة للأمم المتحدة التي تشير إلى أن نسبة النمو السكاني في العراق في العام 2023 تبلغ 2.27 في المئة، وأن عدد سكان العراق الحالي (45.4 مليون نسمة) سيصبح أكثر من الضعف بحلول نهاية العام 2085.
ويشير التقرير ، الى ان هذا النمو السكاني يبعث على القلق بشكل خاص في ضوء ما يعانيه العراق من نقص يزداد حدة في المياه. فالأرض التي كانت تُعرف في ما مضى بالهلال الخصيب تصبح بسرعة أكثر جفافًا وسخونة وأقل إنتاجية على الصعيد الزراعي. وفي هذا الإطار، أفاد ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق بأن البلاد تفقد سنويًا أكثر من 100 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية، وهذه مساحة أكبر من بغداد، بسبب تغير المناخ والتصحّر وارتفاع درجات حرارة الأراضي الزراعية. ويشكل هذا الواقع البيئي السيئ، إلى جانب ارتفاع معدل الخصوبة وتزايد شح المياه، تحديًا إضافيًا أمام ري الأراضي الصالحة للزراعة.
وتابع التقرير ” لا يؤدي تضخم عدد السكان إلا إلى تفاقم هذه التحديات البيئية التي يواجهها العراق. فمن جهة يتسبب تغير المناخ بتحوّل المناطق الزراعية إلى أراض قاحلة أكثر فأكثر، ومن جهة أخرى يبتلع التوسع العمراني المزيد والمزيد من الأراضي لإيواء الأعداد المتزايدة من السكان.”
تجدر الإشارة إلى أنه في الموصل وحدها، وصل النقص في المساكن إلى 200 ألف وحدة سكنية في العام 2022 بعد أن كان 20 ألف وحدة في العام 2012. ووفقًا لمديرية التخطيط العمراني في الموصل، تتطلب هذه السرعة الهائلة للنمو السكاني توسيع المدينة بمقدار سبعة كيلومترات على حساب الأراضي الزراعية في سهل نينوى المحيط بالموصل والذي كان يعتبر في ما مضى منطقة إنتاج الحبوب للسكان.
خطر أزمة غذائية