الكاتب..طلال ناظم الزهيري
مربع الأحلام المهني، هو تعبير مجازي اخترته ليعبر عن واقع التعامل الأسري مع الأبناء في مرحلة الطفولة، والتي يغلب عليها الجانب العاطفي حتى يعتقد الآباء أن الذكاء والفطنة هو ما يميز أبناءهم عن غيرهم، ومع هذا الاعتقاد يرتفع سقف طموح الأبوين في قدرات أبنائهم في مرحلة الدراسة الابتدائية حتى يصل الأمر إلى إيمانهم أن الدرجة الكاملة التي يحصل عليها الابن في اختبارات الإملاء كفيلة أن تدخله كلية الطب مستقبلا. أو أن براعتهم في حفظ جدول الضرب كافية لدخولهم عوالم الهندسة.
ومع هذا اليقين يستند الأب إلى وسادته الوفيرة، يرافقه شعور الغبطة والفرح وهو يتابع أنحاء ابنه (حمودي) على كتبه المدرسية. يسترق النظرات إليه بين الحين والآخر ويتخيله في (معطفه الابيض) أو (خوذته البلاستيكية) أو حتى (عباءته السوداء). وتمر الأيام ويكبر (حمودي) ليحقق حلم والديه ويكون كما تمنوا أن يكون مهندسا مدنيا. لكن (حمودي) الآخر لم يكن في نفس البراعة والاجتهاد، لم يكن مهتما بالدروس التي غالبا ما كان ينشغل عنها في لعب كرة القدم في شوارع محلته. حمودي الآخر فشل في الدراسة ونجح في أن يكون لا عب كرة قدم بارع. تتلقفه الأندية ليحترف فيها. حمودي الأول لا زال يبحث عن فرصة للعمل من خلال التعيين في الدوائر الحكومية، يتظاهر مع غيره أمام أبواب الوزارات، وفي لحظات التعب يقلب حمودي الأول صفحات الإنترنت التي تتحدث عن شهرة ونجاحات حمودي الآخر.! هذه قصة قصيرة عن واقع مرير يمكن أن تتكرر في مجتمعاتنا العربية عامة والمجتمع العراقي خاصة، لكن الحقيقية الثابتة أن ليس كلّ مجتهد في التعليم يحقق حلم والديه كما فعل حمودي الأول. وليس كل بارع في هواية أو صاحب موهبة يحصل على فرصة حمودي الآخر. إنها جدلية الموهبة والمهارة والتعليم. والتي أستطيع أن أضع كل منها في قالب كما اسميته (مربع الأحلام المهني). الأول: يرتبط بالتعليم والذي يتضمن مجموعة من المهن التي تتمناها كل أسرة لأبنائها. (طبيب، مهندس، صيدلي، طبيب أسنان، طيار، أستاذ جامعي، عالم، محامي) ومربع آخر له علاقة بالموهبة والمهارة والذي يتكون من (صنوف الرياضة، ومجالات الفن، وريادة الأعمال).
لكن يبقى السؤال: لماذا تختزل الأسرة العراقية عوالم الأعمال بهذه المجالات فقط.؟

