الكاتب..ميسر الشمري
كثُر الحديث في هذه الايام على ضرورة اخراج القوات العسكرية الامريكية وقوات التحالف الدولي من الاراضي العراقية وجاء ذلك تزامناً مع الضربات الجوية التي تقوم بها هذه القوات والتي تستهدف معسكرات تابعة لهيئة الحشد الشعبي واغتيال لقادة في فصائل المقاومة وتمثل هذه الافعال انتهاك صريحاً للسيادة العراقية. لا يخفى على الجميع ان التواجد الامريكي منظم وفق اتفاقية مبرمة بين العراق وأمريكا في عام 2008 ( الاتفاقية العراقية الأمريكية) اتفاقية الاطار الاستراتيجي والتي تنظم التواجد المؤقت للقوات العسكرية الامريكية وأن تواجد قوات التحالف الدولي هو أيضاً بطلب من الحكومة العراقية في عام 2014 لمواجهة خطر داعش بعد أن سيطر على ثلثي الاراضي العراقية، السؤال الذي يثار هنا كيف تستطيع الحكومة العراقية اجبار القوات العسكرية الاجنبية على الانسحاب وهي ملزمة باتفاقيات ومعاهدات مصادق عليها مع تلك الدول. الاجابة هي على الرغم من ان التواجد العسكري الاجنبي منظم باتفاقيات دولية الا أن هذه الاتفاقيات يمكن العدول عنها متى ما شرع قانون داخلي يتعارض مع بنود هذه الاتفاقيات حيث ان الدستور العراقي لسنة 2005 وقانون عقد المعاهدات الدولية رقم 35 لسنة ٢٠١٥ سكتا عن تحديد مكانة المعاهدات الدولية في النظام القانوني العراقي وحتى المادة الثامنة من الدستور العراقي لسنة 2005، التي نصت على (يراعى العراق مبدأ حسن الجوار، ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية، ويقيم علاقاته على أساس المصالح المشتركة والتعامل بالمثل، ويحترم التزاماته الدولية)، فإنها عبارة عامة وغامضة جداً، وعرضة لتفسيرات مختلفة، حيث ان هذه الصياغات التي يستخدمها الدستور لا يمكن عدّها إقراراً لسمو القانون الدولي وبما فيها المعاهدات على القوانين الداخلية. وفي هذه الحالة فأن احكام المعاهدة لا تتفوق على احكام القانون الداخلي المتعارضة معها سواءً أكان هذا القانون سابقاً ام لاحقاً لها، وبما أن كل معاهدة في العراق يتم التصديق عليها بقانون تصديق أو إنضمام طبقاً للأحكام المنصوص عليها في الدستور وقانون عقد المعاهدات وما جرى عليه العمل في العراق، فأن نشر المعاهدة مع قانون تصديقها في جريدة الوقائع العراقية يجعلها تعامل معاملة القانون، وهذا يعني إمكانية تعديل أو الغاء معاهدة دولية تمت المصادقة عليها بقانون لاحق ووفق ما ذكر فأن الحكومة الحالية تستطيع اجبار القوات العسكرية الاجنبية على الانسحاب وذلك من خلال تشريع قانون ينظم لهذا الغرض.
نقلا عن صحيفة الزمان