المسرى ..
اعداد : وفاء غانم
على مدى اكثر من ثلاثة عقود يعاني العراق من مشكلة قطاع الكهرباء على الرغم من المبالغ الضخمة التي يتم صرفها على قطاع توليد الطاقة.
تاريخ الكهرباء في العراق
دخلت الكهرباء العراق لأول مرة عام 1917 حيث تم تركيب أول آلة كهربائية في مبنى “خان دالة”. قبل الحرب الخليجية، كان إجمالي قدرة التوليد المركبة 5.100 م.و، الذي تراجع لحولي 2.300 م.و. بعد حرب الخليج كان حوالي 87% من السكان لديهم كهرباء. وكان للحروب، العقوبات، النهب والتخريب، آثاراً كبيرة على البنية التحتية الكاملة لنظام الطاقة في العراق.
أثناء حرب الخليج الأولى عام 1991، عانت منظومة الكهرباء من أضرار جسيمة. أوقف عمل العديد من خطوط النقل، وتضررت محطات الكهرباء الفرعية. في حين تم إصلاح بعض الأضرار التي لحقت جراء حرب 1991، وصلت قدرة توليد الكهرباء لحوالي 4500 م,و في عام 1999 عندما أعاد العراق تنظيم قطاع الكهرباء. انفصل قطاع الكهرباء عن وزارة الصناعة، وتأسست لجنة الكهرباء في 21 يونيو 1999.
مع نهاية 2002، أصبحت القدرة التوليدية المتاحة للكهرباء تقارب 4.500 م.و، وظلت إمدادات الطاقة غير كافية وغير موثوقة. وفي 2006كان إجمالي قدرة قطاع الكهرباء في العراق حوالي 10.000 ميگاوات, واعتباراً من يونيو 2013، وصل متوسط إمدادات الكهرباء لذروته حيث بلغ 4.280 م.و, ليتراجع معدل نقص الطلب 8.180 م.و، بحوالي 3.950 م.
أزمة الكهرباء
إن مشكلة الطاقة الكهربائية في العراق ليست وليدة اليوم، فالبلاد تعاني من نقص حاد بالطاقة منذ العام 1990، وقد تراكم هذا الأمر بعد العام 2003 بسبب تهالك محطات التوليد القديمة الذي رافقته عمليات التخريب خلال السنوات الماضية؛ لتزداد إثر ذلك ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن المواطنين من (14-20) ساعة يومياً؛ وهو ما حرى بهم أن يعتمدوا مولدات الطاقة الأهلية، أو المولدات المنزلية الصغيرة وكلتاهما تضيف أعباء مادية كبيرة على الأهالي
وإذا أخذنا بالاعتبار أن العراق كان ينتج 5.5 آلاف ميغاواط قبل عام 2003، يعني ذلك أنه لم يتمكن من إضافة أكثر من 15 ألف ميغاواط خلال العقدين الماضيين
المولدات الاهلية
وبحسب اقتصاديين و إحصاءات غير رسمية فأن ما يقرب من 150 ألف مولدة منتشرة في أحياء البلاد، توفر أكثر من نصف حاجة السكان من الطاقة مقابل أموال طائلة صرفها المواطن بلغت مجتمعة نحو ثماني مليارات دولار، وهذا هدر كبير”.
وقدر تقرير لوكالة الطاقة الدولية أن العراقيين دفعوا 4 مليارات دولار في 2018 لمشغلي المولدات الأهلية.
الاسباب بحسب محللين اقتصاديين
يرى محللون أن هناك بعد سياسي للأزمة ( ازمة الكهرباء) ،وفساد سياسي يمنع حلحلة ملف الكهرباء الذي يستنزف نصف الموازنة العامة للبلاد و تسبب بهدر مليارات الدولارات التي صرفت على الكهرباء، فيما تتضارب التصريحات بشأن حجم الأموال التي أنفقتها الحكومات العراقية على منظومة الطاقة الكهربائية بعد عام 2003 لكن تصريحات أعضاء في لجنتي الطاقة والنزاهة النيابيتين تشير إلى حصر قيمة تلك المبالغ بين 60-80 مليار دولار أميركي.
ويرجع كثير من البرلمانيين والسياسيين ضياع تلك الأموال إلى شبهات الفساد التي رافقت عملية صرفها.
هدر في الطاقة
مختصون في الطاقة يقولون إن “العراق يحرق سنويا أكثر من 15 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب لإنتاج النفط، من دون الاستفادة منه”، وأن “هناك فقرات تلزم الشركات النفطية بالاستفادة من هذا الغاز بدلا من احتراقه وتلويث البيئة”. بينما يستورد العراق الغاز من دول الجواربكميات كبيرة وبأسعار باهظة جدا من أجل توليد الطاقة الكهربائية، ومن ثم فهذا يمثّل خللا كبيرا على اعتبار أن العراق من الدول الأولى المنتجة للنفط”.
ويقول تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إن العراق يبدد حاليا ما يقرب من 2.5 مليار دولار سنويا نتيجة حرقه الغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط، الذي يبلغ 1.55 مليار قدم مكعب يوميا، أي ما يعادل 10 أضعاف الكمية المستوردة من ايران فقط.
طرق بديلة لتوفير الكهرباء
ومؤخرا اقترحت الوكالة الدولية للطاقة على العراق الاستعانة بطرق بديلة لتوفير الكهرباء من خلال الاعتماد على الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وقالت الوكالة إن رفع حصة مصادر الطاقة المتجددة إلى 30 في المئة من إمدادات الكهرباء بحلول عام 2030، سيحقق للعراق مكاسب بيئية، بالإضافة إلى أنها ستوفر نحو 9 مليارات متر مكعب من الغاز، يمكن استغلالها في استخدامات أخرى. لكن خبراء اقتصاداييون يعتقدون بأن هذه الخطوة تحتاج لكثير من الوقت.
حلول ميتة وترقيعية
حاولت الحكومات العراقية المتعاقبة على مدى السنوات الماضية امتصاص الغضب الشعبي عبر سلسلة إجراءات شملت إقالة مسؤولين وتشكيل “خلية أزمة لمواجهة النقص في ساعات التغذية، إضافة إلى التوفير الطارئ لجميع أشكال الدعم المالي والفني واللوجستي والأمني لوزارة الكهرباء.
فيما أعــلــنــت وزارة الــكــهــربــاء ،عن الــبــدء بخطواتها الجدية لتأسيس فريق دعم إعلامي لدعم الطاقة المتجددة من أنواع الطاقة الشمسية والرياح وغيرها وترسيخ مفاهيمها في المجتمع والحفاظ عليه من التلوث وتــزايــد الـبـصـمـات الـكـاربـونـيـة، مـشـيـرة إلــى أن طـمـوحـهـا يتمثل بالوصول الى 7 آلاف و500 ميغا واط من هذه الطاقة كمرحلة أولى. وعلى الرغم من تكرار مشهد الاحتجاجات في كل صيف للمطالبة بحل أزمة الكهرباء ,يرى مراقبون في الشأن العراقي الا أنه لا توجد إرادة حقيقية سياسية في العراق لحل ازمة الكهرباء وإيجاد حلول جذرية لها، وكل الخطوات التي يقوم بها القائمون على هذا الملف مجرد حلول ترقيعية.