في بلدٍ لاشيء فيه يصرف بالمجان ، يعاني المواطن من فاتورة الماء والكهرباء والانترنت وخطوط النقل ، عوضاً عن أرتفاع اسعار العلاجات والمراجعات الطبية التي قد تصل لأرقام غير معقولة.
فأسعار الكشف الطبي في أغلب العيادات الطبية الخاصة تتسم بأرتفاع قيمتها فوق الحد المعقول والمقبول ، مايزيد من حيلة المواطن وعجزه ، بيد أنه مضطر للتنازل والتعامل مع واقع الحال ، فهذه صحته وصحة أهل بيته وليست أمراً كمالياً يمكن الاستغناء عنه ، ويبدو ان ذلك هو السبب الرئيس في جشع الكثير من الاطباء وذوي الاختصاص بالرغم من تأكيدات نقابة الأطباء سعيها لوضع حدود لتلك الأسعار، ملوّحة بعقوبات قد تطال الأطباء المخالفين، بينما وزارة الصحة سبق لها ان شددت على أنّ لجان تحقيق تتابع اسعار العيادات.
والحال لايختلف كثيراً بين المحافظات العراقية ، فقد تصل تسعيرة بعض الاطباء الاختصاص الى 70 ألف دينار عراقي.
وعن ذلك الحال أجرت قناة ( المسرى) تحقيقاً في محافظة نينوى لأستطلاع آراء الناس حول تأثير ارتفاع اسعار الكشوفات الطبية على حياتهم ، حيث اوضح المواطن محمود الحيالي ان غياب الرقابة على العيادات الخاصة ساهم بأستغلال الاهالي من قبل بعض الاطباء الجشعين ، مؤكداً ان المواطن البسيط غير قادر على الايفاء بمتطلبات العلاج بشكل كامل نظراً لأرتفاع اسعار الكشف الطبي والعلاجات المستوردة عوضاً عن التحاليل التي قد يفرضها الطبيب بتسمية مختبرات بذاتها تحت حجة انه لايثق بغيرها ..
اما الناشط عمر الحسيني فيرى ان الاتفاقات التجارية القائمة بين الاطباء واصحاب المذاخر الطبية هي من اعطت الضوء الاخضر للمتاجرة بأرواح الناس واستغلال جيوبهم ، مؤكداً ان الكثير من الاطباء لايستطيعون فتح عياداتهم الخاصة في المناطق التجارية الا ان كان هناك اتفاق بين احدى الصيدليات التابعة لأحد المذاخر والتي قد تمتلك مختبر تحليل طبي كذلك ، مايجعل الأمر برمته بعيداً عن الغاية الانسانية للطب والهدف الاساس الذي أقسم عليه ذوي المهن الطبية ..
ووفقاً لنقيب الأطباء العراقيين، عقيل شاكر محمود ، فإنّ “تسعيرة أجرة كشف الأطباء محددة من قبل النقابة، وتتراوح بشكل عام عند الاختصاصي بين 20 – 25 ألف دينار، وعند بعض الأطباء الكبار ممن لديهم خدمة استشارية تبلغ 15 عاماً، وهم حاصلون على أعلى شهادة بين 35 – 40 ألف دينار”، مؤكداً أن “أي تسعيرة فوق 40 ألف دينار ممنوعة منعاً باتاً”.
وأضاف: “بالنسبة إلى المحافظات الأخرى خارج العاصمة، لا تتعدى أسعار أعلى كشف 20 ألف دينار، والمعدل العام فيها بين 10 – 15 ألف دينار، على عكس العاصمة وبعض المناطق، بسبب الإقبال الكبير على الأطباء، يرفعون الأسعار، لكن مع التزام شرط النقابة بألّا تزيد على 40 ألف دينار”.
ولكن الأمر المستغرب هو ان تتحول القاعدة الى حالة شاذة ، ففي مدينة الموصل ، رصدت المسرى عيادة طبية شذت عن قاعدة استغلال تلك المهنة للمصالح الشخصية ، فقد عرض الدكتور عمر الجبوري وهو طبيب اختصاص اطفال ، خدماته بالمجان لذوي الدخل المحدود ، مبدياً استعداده التام لمساعدة الناس بكل مستوياتهم الاقتصادية ، ومؤكداً ان الاوضاع في المدينة مازالت تعاني بسبب ظروف الحرب الاخيرة التي دفعت المواطنين للهجرة او النزوح والبعض خسر امواله وممتلكاته وصحته ، مشيراً الى ان مايقوم به من علاج مجاني للأطفال هو جزء من الواجب الانساني الذي يجب ان يتحلى به كل انسان وليس الاطباء فقط ..
وتُعَد مشكلة الأدوية وارتفاع أسعار كشف الأطباء، فضلاً عن المختبرات الطبية، من المشاكل التي يعاني منها أغلب العراقيين، الذين لا تسعفهم إمكاناتهم المادية في توفير الدواء والمستلزمات الطبية الأخرى، في وقت تعاني فيه المستشفيات العراقية من تردٍّ كبير في الخدمات الطبية، ونقص حاد بالأدوية، ويتحمل المراجعون كلفة شراء الأدوية من الصيدليات الخارجية، بمبالغ عالية جداً.