المسرى :
تقرير : كديانو عليكو
نشأ المسرح العراقي في القرن الثامن عشر في مدينة الموصل من خلال تقديم بعض العروض المسرحية في الكنائس والمدارس الدينية.
آدم وحواء
وكانت أهمّ تجربة مسرحية عراقية حقيقية على يد القس “حنا حبش” (1820-1882).
الذي كتب كوميديا “آدم وحواء” و”يوسف الحسن” وكوميديا “طوبية”، فكانت هذه النصوص الثلاثة هي البداية الحقيقية للمسرح العراقي، ثم انتقلت هذه الحركة المسرحية إلى بغداد في المدارس المسيحية واليهودية ثم إلى المدارس الإسلامية التي كانت تتحفظ على مثل هذا النوع من الفن على أنه خروج عن المُثل الدينية.
المسرح العراقي يستعيد بريقه
تنطلق اليوم الدورة الثانية من مهرجان بغداد الدولي للمسرح، تنظمه دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة والسياحة والآثار تحت شعار “لأن المسرح يضي الحياة”، بمشاركة 15 عرضاً عراقياً وعربياً وأجنبياً ويصاحب المهرجان عدة من الفعاليات، في مسارح الرشيد والوطني والرافدين في العاصمة بغداد .
وتقام الدورة الثانية من مهرجان بغداد الدولي للمسرح برعاية رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح ، حيث يتواصل الحراك المسرحي في العراق باقامة العديد من المهرجانات المسرحية الوطنية .
الدكتور أحمد حسن موسى مدير عام دائرة السينما والمسرح العراقي قال في بيان بهذه المناسبة تلقى (المسرى) نسخة منه: تواصلت في دائرة السينما والمسرح الاستعدادات والتحضيرات لعقد الدورة الثانية من مهرجان بغداد الدولي للمسرح، التي طال انتظارها منذ انعقاد الدورة الأول عام 2013 في إطار “مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية”.
ويضيف موسى، تم اختيار خمسة عشرعرضاً عراقياً وعربياً واجنبياً، فضلاً عن تشكيل العديد من اللجان اللوجستية التي واصلت الليل بالنهار لتلبية جميع متطلبات المهرجان، من النواحي الفنية والتقنية والاسكان والاقامة والاستقبال والاعلام وغيرها، مع تحديث وتطوير جميع قاعات العروض المسرحية باللوازم والاجهزة والمعدات الفنية والتقنية اللازم”.
المسرح وثورة 1920
كانت لثورة عام 1920 ضد الإنجليز تأثير كبير وبالغ على تطور المسرح في العراق، حيث ظهرت حركة مسرحية تواكب الثورة وتعبر عنها من خلال الفرق المسرحية الشبابية، وكان من أهمها الفرقة الوطنية المسرحية التي أسسها حقّي الشبلي حوالي عام 1927، حيث كانوا يقدمون مسرحياتهم في المنتديات والنوادي الاجتماعية، ومنها مسرحية “شهيد الدستور” ومسرحية “وامعتصماه” و”صلاح الدين الأيوبي” وكلها عناوين تحمل نفَسا وطنيا ثوريا وتدعو إلى التحرر ودحر الاستعمار.
مسرح الرشيد يعيد الحياة للمهرجان
يؤكد الدكتور علي محمود السوداني مدير المهرجان مدير المسارح في دائرة السينما والمسرح، أن أهم ارتكازات المهرجان هي افتتاح مسرح الرشيد التي استطاعت دائرة السينما والمسرح أن تعيد الحياة اليه ولقسم كبير من بناية الدائرة بدعم ورعاية مهمة مادية ومعنوية من لدن وزارة الثقافة وكل الجهات الساندة والداعمة، بما فيها جهود منتسبي الدائرة من مختلف اقسامها الذين واصلوا الليل بالنهار لتحقيق هذا الحلم الجميل.
واشار إلى أن المهرجان سيشهد افتتاح مسرح آشور بشكل رسمي والذي أنجز بجهود ذاتية دون أن يتم تكليف الدولة أي نفقات، وذلك ضمن بناية المسرح الوطني الذي بات مجمعاً مسرحياً متكاملاً يشمل أيضا مسرح الرافدين.
عروض عربية واجنبية
وأوضح السوداني، ان المهرجان سيشهد 4 عروض عراقية و8 عروض عربية و3 عروض أجنبية، إضافة الى فعاليات مصاحبة تشمل عقد الملتقى الفكري (مسرحة الرؤى… شعرية الدراما ودرامية الراهن)، وتوقيع كتاب (المسرح العراقي في وثائق دائرة السينما والمسرح ) للكاتب والباحث الأكاديمي الدكتورعلي محمد هادي الربيعي، كما ستتم إقامة (ورشة الجسد في المسرح) للمؤطر التونسي خالد بو زيد، في حين سيتم توقيع شراكات ثقافية وفنية مهمة بين الدائرة والمهرجان مع كل من: الهئية العربية للمسرح، وأيام قرطاج المسرحية، ودائرة الفنون المسرحية في أربيل، والصين iti ، ومهرجان أيام كربلاء المسرحية الدولي. كما سيشهد المهرجان تغطية اعلامية واسعة تشمل اصدار يومية خاصة بالمهرجان ومركز صحفي ورعاية اعلامية رسمية من شبكة الاعلام العراقي، فضلاً عن جلسات نقدية يشارك فيها نخبة من أبرز نقاد المسرح في العراق.
ومن اهم العروض الأجنبية، عرض “ميديا” إخراج فابيو أمودي (إيطاليا)، وعرض فيلم TYLL إخراج دانيل كيلهمان (ألمانيا)، وعرض “بوفيه على قيد الحياة” إخراج رافائيل كوتين (فرنسا)، وفيلم CESTOSC ZALUDNIENIA، إخراج روسيو مولينا (فرنسا).
إحتفاء وتكريم
يقول علي السوداني، ان هذه الدورة ستشهد إحتفاءً وتكريماً متميزاً لعدد من الرموز والشخصيات المسرحية في العراق وسوريا والاردن والمانيا ممن قدموا اسهامات واسعة وكبيرة في ترصين العملية المسرحية وعناصرها الإبداعية المتنوعة تشمل: روبرت جلي من مسرح الرور في المانيا، والمخرج المسرحي صلاح القصب من العراق، والمخرج المسرحي محسن العزاوي من العراق، والفنانة سولاف فواخرجي من سوريا، والفنانة نادرة عمران من الأردن .
تأسيس مصلحة السينما والمسرح
وكان للنكبة الفلسطينية ولثورة الأحرار في مصر تأثير كبير في الطابع السياسي لحركة المسرح العراقي، ففي الخمسينيات ظهر الكاتب المسرحي يوسف العاني وهو نموذج للكاتب السياسي الساخر الذي قدم مسرحيات انتقادية لاذعة وأسّس لظاهرة المسرح الشعبي الكوميدي، ومن مسرحياته “ستة دراهم” و”رأس الشليلة”، وقد شكّل ثنائيا مميزا مع الدكتور جلال في مسرحية “النخلة والجيران” والكثير من المسرحيات التي كانت ذات مضمون سياسي وطني بشكل انتقادي.
وفي عام 1958 تأسست مصلحة السينما والمسرح، وكان أول مدير لها الفنان يوسف العاني، وبتأسيس هذه المصلحة أصبح هناك رافد آخر للمسرح العراقي يحفز على التنافس في العروض.
نهضة المسرح العراقي
في السبعينيات من القرن الماضي كان العصر الذهبي للمسرح العراقي، حيث ظهرت وازدهرت فرق مسرحية عديدة مثل “فرقة المسرح الشعبي” و”فرقة الرسالة” و”فرقة المسرح الفني الحديث”، هذه الفرق كانت بمثابة معاهد وبوابات لتطوير الظاهرة المسرحية في العراق وبوابات للعبور من الفرق المسرحية الخاصة إلى الفرقة القومية للتمثيل، مما أحدث منافسة كبيرة بين الفرق المسرحية الأهلية وفرقة الدولة.
تأثر المسرح العراقي بسبب الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت لثماني سنوات، وتذبذب بين الإيجابية والسلبية، ومرّ بمرحلة تناقضات بين مؤيد لهذه الحرب ومعارض، فالمسرحي “عزيز خيون” مثلا كانت وجهة نظره ضد الحرب بعكس توجه الدولة، لذلك واجهت مسرحياته المنع.
مسرح جريئ
يعتبر المسرح العراقي ما بعد 2003 مسرحا جريئا وواضحا، لأن الإبداع الحقيقي يولد من رحم المعاناة، وما أكبر المعاناة وما أقسى المأساة التي تعرّض لها العراق خلال سنوات الحصار. وعلى الرغم من ذلك كله يبقى المسرح العراقي مسرحا كبيرا عظيما بفنّانيه ورجاله، ويحقق الحضور والجوائز أينما وُجد بإرادة وذكاء وشجاعة صانعيه من مخرجين وكتّاب وفنانين قادرين على تمرير رسالتهم وخطابهم، فالمثقفون في الزمن الرديء هم المسؤولون عن صمتهم أمام الأجيال القادمة.