يعد نهر العشار أحد الأنهار الأربعة الرئيسية في مدينة البصرة وسُمّي بهذا الاسم منذ القدم نسبة لجباية ضريبة العشر التي تؤخذ على المحاصيل الزراعية استنادا إلى الوثائق العثمانية. ويقسم نهر العشار منطقة العشار إلى نصفين، حيث امتاز قديما بصفاء مائه وجماله وكانت الأشجار والبيوت الجميلة والشناشيل والدكاكين على طرفيه والزوارق الكثيرة التي تجوبه محملة بالبضائع إضافة إلى الثروة السمكية الكبيرة التي كان يحتويها.
وفقد النهر جماله واصبح لا يسر الناظرين بسبب تراكم للنفايات من جانب وتلوّث مياه هذا النهر بمياه المجاري، فضلا عن خسارة الكثير من الأشجار والأبنية الأثرية والقديمة المحيطة به وأصبح نهر العشار مصدرا لكثير من الأمراض ولم يشهد سوى عمليات تطوير قليلة أهمها رصف الرصيف المجاور له بالحجر الملوّن.
ويقول مواطنون: ان السبب في ذلك هو تجاوز المواطن على النهر وتحمله المسؤولية الكاملة، الا ان رايا آخرا يرى ان الحكومة مقصرة في الاهتمام بالنهر.
يقول المواطن ابو رضا للمسرى: انه “كان يسبح في نهر العشار وهو في العاشرة من عمره، مضيفا انه ليس هناك اي اهتمام او اعمال تنظيف للنهر من قبل الجهات المعنية، مضيفا ان النساء كن في السابق يغسلن الملابس من مياه النهر ويستخدمن مياه النهر للشرب”.
اما المواطن ابو علي، فد اوضح للمسرى، ان “اهالي البصرة يشربون من مياه مجاريها بسبب تلوث مياه الانهر ومنها نهر العشار، مضيفا انهم في السابق كانوا يشربون من مياه نهر العشار الذي كان يحتوي على انواع عديدة من الاسماك”.
واكد، ان “كل المياه الاسنة والملوثة والنفايات والاوساخ التي ترمى في مياه النهر الذي اصبح لونه اخضرا بسبب تلوثها، حيث يقوم موظفو المستشفى التعليمي برمي الاوساخ والفضلات في مياه النهر”.
من جانبها اشارت رئيس مهندسين اقدم / مدير اشراف وصيانة الانهر في البصرة زينب كريم للمسرى الى ان “هناك ستة انهر داخلية في محافظة البصرة (الخورة والسراجي والعشار والخندق والرباط والجبيلة)، مؤكدة ان هذه الانهر تعاني من كثرة المياه الاسنة التي تنصب في مياه الانهر عن طريق مجاري المياه العائدة لاهالي المحافظة”.
وقالت كريم: انهم “يعملون بتوجيه وزاري بضرورة رفع الترسبات وفق خطة موضوعة من قبل وزارة الموارد المائية، حيث تم حتى الان تطوير نهر الخندق وانهم بصدد دراسة لتطوير القناة الرابعة بين نهري الخورة والسراج”.
وتاريخيا، تم حفر نهر العشار في عهد الوالي العثماني محمد هدايات باشا عام 1878م من مدخل شط العرب، حيث كانت بناية مديرية الكمارك هناك ثم أُعيد تنظيفه في زمن عبد الله باشا عام 1890م وشارك في هذه العملية الآلاف من أبناء الفلاحين والعشائر واستمر مسلسل التنظيفات للنهر نتيجة كثرة تراكم الترسبات في تلك الفترة وخسارة الكثير من أجزائه فنُظِّف، في عهد الوالي فخري باشا عام 1904م ثم مرة أخرى في عهد ولاية الوالي سليمان النظيف الذي تولّى الحكم في نوفمبر عام 1910، كما طُوّر في عهد الملكية في زمن الملك فيصل الأول وكذلك في عهد الملك غازي الابن الأكبر للملك فيصل وكذلك خلال فترة وصاية عبد الإله في زمن الملك فيصل الثاني، حيث تم وضع السياج الحديدي وتبليط جوانب رصيف النهر، وخلال هذه الفترة تم حفره من جديد في ثلاثينات القرن الماضي من قبل سُجناء سجن البصرة بعد أن أُغلق بواسطة سدة لمنع تدفق المياه إليه وتم فتحها بعد الإنتهاء من عمليات الحفر التي وصلت إلى منطقة الصبخة في البصرة القديمة، كما شهد النهر الكثير من التطويرات خلال الحكم الجمهوري، لكنها قلّت بعد حرب الخليج الثانية، حيث كان آخرها عام 1989 بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية وتم رصف ضفاف النهر بالحجر وإنشاء جسر مقابل مبنى المحافظة القديمة.
بعد احتلال العراق، عانى نهر العشار من النسيان والإهمال حاله كأغلب أنهار محافظة البصرة حتى من أبسط الخدمات وخسرت البصرة الكثير من جماليتها بسبب تلوّث مياه هذا النهر بمياه المجاري وتراكم النفايات فيه. كما خسرت الكثير الأشجار والأبنية الأثرية والقديمة المحيطة به وأصبح نهر العشار مصدرا لكثير من الأمراض. ولم يشهد سوى عمليات تطوير قليلة.