المسرى .. تقرير: فؤاد عبد الله
غدت مسألة الحوكمة المالية والإدارية، أساسا مهما يقاس عليه تطور الدول والمجتمعات باختلاف انواعها من خلال قياس التقدم الاقتصادي للبلدان والمؤسسات، وقد زاد اهتمام الدول بتطبيق معايير الحكومة المؤسسية لما لها من كفاءة وفاعلية ونجاح في تحقيق الدرجات والمستويات العالية من العمل المؤسسي الحكومي.
الحوكمة تماشيا مع الدستور
والعراق أحد بلدان المنطقة الذي يفتقر الى دليل الحوكمة الوطني رغم اهميته في تحصين الاموال العامة والخاصة، بالإضافة إلى السيطرة على ادارة اموال الشركات العامة تماشياً مع الدستور في الانتقال من الاقتصاد الشمولي الى الاقتصاد الحر.
الفساد في العراق أصبح كالسُلم
الدكتور علاء الدين القصير المستشار الاقتصادي السابق في مجلس النواب العراقي يقول لـ( المسرى) في هذا الصدد إن “مشاكل كثيرة تراكمت بسبب عدم تنفيذ برنامج الحوكمة الألكترونية في مؤسسات الدولة العراقية، لو تم تنفيذها في وقت سابق لاستطاع العراق أن يقلل من الفساد المالي والإداري الموجود في هياكله”، مبيناً أن” الفساد الموجود الآن في العراق أصبح فسادا خيطياً، أو بالأحرى أصبح كالسلم من الأسفل إلى الأعلى، والكل يرى فيه مصالحه الشخصية ويعتاش عليه، وبطرق وأشكال مختلفة”.
الفساد شعار الدوائر
وأكد الدكتور القصير على” ضرورة وجود ثقافة مجتمعية وإدارية لها القدرة والسلطة على تغيير هذا النهج الشائع لدى الموظف والعامل والكادر الإداري، لكي نستطيع القول إنه بالإمكان تطبيق برنامج الحوكمة المالية الألكترونية، خدمة للصالح العام”، منوها أن “المشكلة اليوم كبيرة جداً لا تتعلق بالأفراد فحسب، إنما تتعلق بالمجتمع ككل، لأن الفساد أستشرى بصورة واسعة في البلاد، وأصبح هو الشعار الذي تتخذه كل الدوائر الحكومية”.
الحوكمة يقلل من الفساد
يقال أن السبب الحقيقي لاعتماد غالبية الدول للمعايير الخاصة بالحوكمة المالية والإدارية، يعود إلى الأزمات المالية والاقتصادية التي مرت على العالم وما رافقها من تبعات بهذا الخصوص محليا وإقليميا ودولياً.
العراق يتذيل دول الحوكمة
وأوضح المستشار الاقتصادي الدكتور علاء الدين القصير للمسرى ايضاً أن “العراق أصبح اليوم في ذيل الدول التي تحاول أن تطبق هذا البرنامج ولم تخط إليه لحد الآن بشكل جدي، رغم تفعيله في أغلب البلدان العربية والشمال إفريقية، إلا أن تطبيقه صعب في العراق، بسبب الفساد المستشري في كامل مفاصله”، لافتاً أن ” الفساد فيه وصل مرحلة لا يمكن السيطرة عليه لا بشكل شرعي أو بشكل قانوني متبع كالحبس والغرامة “.
الحوكمة ورقة للمتاجرة
وأشار القيصر إلى أن “تنفيذ الحوكمة في العراق أصبح شعارا أكثر مما هو تنفيذ وتطبيق لبرنامج إصلاحي للقضاء على الفساد المالي والإداري في البلاد، بل وأضحت ورقة يتاجر بها الكثيرون من المسؤولين في الدوائر الحكومية”، مستبعدا في الوقت ذاته أن تكون الخطابات والكتب الرسمية المتعلقة بالبيع والشراء في القطاع الخاص، مؤشراً لخطوات العراق الاولى نحو تنفيذ مفهوم برنامج الحوكمة المالية”.
تجارب الدول مع الحوكمة
ولا يخفى أن أغلب دول العالم مرت بالمشاكل الاقتصادية والإدارية نفسها المتعلقة بالفساد وكيفية مكافحته، ولكن بتطبيق معايير الحوكمة في النزاهة والشفافية والمسائلة وتطبيق المسؤولية الاجتماعية واعتماد العدالة في تطبيق القوانين والتعليمات بشكل عادل وشفاف، استطاعت أن تعالج ما كانت تؤرق كاهلها في ملف الفساد وتبعاته.